الحلقة (16) أقسام الحديث من حيث الصحة والضعف(1)

 

قسم العلماء الحديث من حيث الصحة والضعف إلى ثلاثة أقسام ثلاثة : صحيح , وحسن , وضعيف .

قال الحافظ العراقي :

       وأهل هذا الشأن قسموا السنن                               إلى صحيح وضعيف وحسن

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :وأما قسمة الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف فهذا أول من عرف أنه قسمه هذه القسمة أبو عيسى الترمذي ,ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله , وقد بين أبو عيسى مراده بذلك فذكر أن الحسن ما تعددت طرقه ولم يكن فيهم متهم بالكذب ولم يكن شاذا وهو دون الصحيح الذي عرفت عدالة ناقليه وضبطهم وقال الضعيف الذي عرف أن ناقله متهم بالكذب رديء الحفظ فإنه إذا رواه المجهول خيف أن يكون كاذبا أو سيء الحفظ فإذا وافقه آخر لم يأخذ عنه عرف أنه لم يتعمد كذبه واتفاق الاثنين على لفظ واحد طويل قد يكون ممتنعا وقد يكون بعيدا ولما كان تجويز اتفاقهما في ذلك ممكنا نزل عن درجة الصحيح .

ثم قال رحمه الله :

وأما من قبل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف .

والضعيف عندهم نوعان :

 

ضعيف ضعفا لا يمتنع العمل به وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي .

وضعيف ضعفا يوجب تركه وهو الواهي وهذا بمنزلة مرض المريض قد يكون قاطعا بصاحبه فيجعل التبرع من الثلث وقد لا يكون قاطعا بصاحبه وهذا موجود في كلام الإمام أحمد وغيره ,ولهذا ليقولون هذا فيه لين فيه ضعف وهذا عندهم موجود في الحديث .مجموع الفتاوى (18|25)

يتبين من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما يلي :

أن الترمذي هو أول جعل الحسن قسما خاصا (كاصطلاح خاص) , ولم يرد أن ينفي أن الحسن لم يكن معروفا في عرف من سبقه من العلماء ؛ ويوضح ذلك أنه أعقب كلامه بمعنى الحسن عند الترمذي
فقد كان المتقدمون يطلقون الحسن على الصحيح ويريدون بذلك المعنى اللغوي لا المعنى الاصطلاحي .انظر فتح المغيث (1|26)

وربما أرادوا بالحسن المنكر قال السخاوي :قد وجد إطلاقه على المنكر قال ابن عدي في ترجمة سلام بن سليمان المدايني حديثه منكر وعامته حسان إلا أنه لا يتابع عليه .


وقيل لشعبه لأي لا تروي عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي وهو حسن الحديث فقال : من حسنه فررت وكأنهما أراد المعنى اللغوي وهو حسن المتن.

وربما أطلق على الغريب قال إبراهيم النخعي كانوا إذا اجتمعوا كرهوا أن يخرج الرجل حسان حديثه فقد قال ابن السمعاني : أنه عني الغرائب

ووجد للشافعي إطلاقه في المتفق على صحته ولابن المديني في الحسن لذاته وللبخاري في الحسن لغيره ونحوه فيما يظهر قول أبي حاتم الرازي فلان مجهول والحديث الذي رواه حسن وقول إبراهيم بن يعقوب الجوزاتي في الطلحي إنه ضعيف الحديث مع حسنه على أنه يحتمل إرادتهما المعنى اللغوي أيضا .
فتح المغيث (1|86)

وربما أطلقوا على الحديث الصحيح أنه ضعيف وهم لا يريدون الضعيف بالمعنى الاصطلاحي بل يريدون كما تقدم عن شيخ الإسلام ضعفا لا يمتنع العمل به وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي .

وقال ابن القيم رحمه الله في بيان أصول مذهب الإمام أحمد

الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو الذي رجحه على القياس وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن , ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف وللضعيف عنده مراتب .إعلام الموقعين (1|31)

وخلاصة ما سبق أن مصطلح الحسن وجد في استعمال المحدثين قبل الترمذي ولم يكن لديهم تعريف محدد له، وأن الترمذي هو أول من عرف الحسن وأكثر من استعماله (1)



 

 


 


(1)  - ينظر رسالة  الحديث الحسن للدكتور خالد الدريس وفقه الله

 



بحث عن بحث