من علوم الإسناد (3)

 

 

السابق واللاحق:

السابق: اسم فاعل من السبق واللاحق مثله.

والمراد به عند علماء المصطلح: أن يشترك اثنان في الرواية عن شيخ ويتقدم موت أحدهما عن الآخر، بحيث يتباين وقت وفاتيهما تبايناً شديداً فيحصل بينهما أمد بعيد وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته.

فالمتقدم يقال له: السابق، والمتأخر يقال له: اللاحق.

ومثاله: روى الإمام البخاري في تاريخه عن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري وروى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين، ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة(1).

ومثل له الخطيب برواية الزهري عن الإمام مالك وروى عنه أيضاً: زكريا بن دويد الكندي(2) وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر.

ومن فوائد هذا النوع كما قال ابن الصلاح تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب(3).

وقال السيوطي: ومن فوائده أيضاً أن لا يظهر سقوط شيء من الإسناد(4).

وقال الصنعاني في شرح نظمه للنخبة: عدّ هذا النوع من أنواع علوم الحديث قليل الجدوى عديم الفائدة، وهذه الحلاوة التي ذكرت ما أظن عارفاً يذوقها، ثم إنه ليس اسماً لرتبة معينة كرواية الآباء عن الأبناء والأكابر عن الأصاغر ونحوها(5).

وقد صنّف الخطيب كتاباً سمّاه: " السابق واللاحق "(6).

 _______________________

(1) علوم الحديث ص 286.

(2) وهو كذاب يراجع : الميزان 2/72 ، ولسانه ، 2/479 ولو كان المثال بأحمد بن إسماعيل السهمي، مات سنة تسع وخمسين ومائتين وبينه وبين الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة.ينظر شرح النخبة ص 129 – 130.

(3) علوم الحديث ص 286 .

(4) تدريب الراوي ص 2/ 737 .

(5) إسبال المطر للصنعاني ص 219 .

(6) طبع في مجلد حققه الشيخ/ محمد بن مطر الزهراني -رحمه الله-، ونشرت طبعتَه الثانية دار الصميعي.



بحث عن بحث