الضعيف بسبب السقط من السند(7)

المدلَّس (2)

 

 

ثانيًا: تدليس التسوية:

تعريفه:

هو أن يروي المدلس حديثًا عن ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر فيسقط الضعيف الذي هو السند ويجعل السند عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي الإسناد كله ثقات (1)  بحسب الظاهر لمن لم يخبر هذا الشأن.

سماه بذلك ابن القطان الفاسي قاله السيوطي(2).

وسماه بعض القدماء تجويدًا فقالوا: جوّده فلان، يريدون ذكر من فيه من الأجواد وحذف الأدنياء(3).

مثاله: روى ابن أبي حاتم في العلل(4) عن بقية بن الوليد قال: حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر قال: لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه.

قال أبو حاتم: هذا الحديث له علة قلَّ من يفهمها. روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعبيد الله بن عمرو، كنيته أبو وهب وهو أسدي، فكأن بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو ونسبه إلى بني أسد لكي لا يفطن به، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي إليه وكان بقية من أفعل الناس لهذا.

حكمه:

تدليس التسوية شر أقسام التدليس؛ لأن الثقة الأول ربما لا يكون معروفًا بالتدليس وبجده الواقف على السند بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة وفي هذا غرر شديد.

تنبيه:

ليس من هذا النوع إذا روى الثقة عن اثنين أحدها: ضعيف، والآخر: ثقة، فيحذف الضعيف ويبقي الثقة. كما فعل الإمام البخاري في حذفه عبد الله بن عمر العمري واقتصاره على مالك في حديث: (إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات...) الحديث(5).

ثالثًا: تدليس القطع:

تعريفه:

سماه بذلك الحافظ ابن حجر(6) وهو أن يسقط الراوي اسم الشيخ الذي سمع الحديث منه مباشرة مقتصرًا على ذكر أداة الرواية، فيقول الراوي: حدثنا أو سمعت ثم يسكت، ثم يقول: فلان وفلان موهمًا أنه سمع منهما وليس كذلك.

مثاله: ما ذكره ابن سعد في الطبقات(7) عن عمر بن علي المقدمي أنه كان يقول: سمعت وحدثنا، ثم يقول: هشام بن عروة والأعمش. وجعل بعضهم من هذا النوع إسقاط أداة الرواية والاقتصار على اسم الشيخ الذي لم يسمع منه الحديث مباشرة.

ومثَّل له ابن الصلاح بما قاله علي بن خشرم: كنا عند ابن عيينة فقال: الزهري، فقيل له: حدثك؟ فسكت، ثم قال: الزهري، فقيل له: سمعته منه؟ فقال: لم أسمعه منه ولا ممن سمعه منه، حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري(8).

_________________

(1) شرح ألفية العراقي له (1/190)، والتبيين لأسماء المدلسين، ص(343)

(2) التدريب 1/224 .

(3) توضيح الأفكار للصنعاني (1/376).

(4) العلل (2/154 – 155)

(5) البخاري (7393)، (13/378)، ومسلم (4/2084)، واللفظ للبخاري.

(6) " تعريف أهل التقديس " ص16.

(7) الطبقات الكبرى (7/281).

(8) علوم الحديث، ص(66).



بحث عن بحث