حالات التخريج

    والمقصود بحالات التخريج هو مقارنة الباحث متن الحديث الذي يريد تخريجه بمتن هذا الحديث في المصدر أو المصادر الأصلية، باستخدام عباراتٍ خاصة حسب الجوانب المعتبرة عند المقارنة، ومن ذلك:

الجانب الأول: عدم وجود نصّ يطابق الحديث الذي يراد تخريجه، وهذه الحالة يعبر عنها العلماء بلفظ: " اللفظ انفرد به الترمذي مثلاً ".

الجانب الثاني: ويتعلق بالتعبير عن مدى تطابق الألفاظ وما يتبعها، وتُذكر ألفاظ خاصة بحسب أحوال المتون المقارنة؛ كما يلي:

أ‌- أن تتطابق الألفاظ تمامًا، وعندئذٍ يُقترح أن تستعمل عبارة ( بمثله، أو: بلفظه، أو: بنفس السياق).

ب‌- أن توجد بعض الفوارق اليسيرة بين متن الحديث الذي يراد تخريجه ومتن حديث المصدر، وعندئذٍ يُقترح أن تستعمل عبارة ( بنحوه، أو: شبهه، أو: قريبًا منه).

ج‌-    أن توجد ألفاظ الحديث المراد تخريجه بألفاظ أخرى مرادفة لها في المصدر في أكثر من موضع، وعندئذٍ يُقترَح أن تستعمل عبارة (بمعناه).

مثل: أن يراد تخريج حديث : (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لم يتوضأ مما مسته النار)، فيوجد في أحد المصادر بلفظ: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مرَّ على قدرٍ فأخذ ذراعًا فأكل منه، ثم صلى ولم يتوضأ)، فحينئذٍ يمكن أن يقال: ( أخرجه فلان – ويذكر صاحب المصدر – بمعناه مطولاً).

الجانب الثالث: ويتعلق بالزيادات الواردة في المتون.

  إذا اشتمل متن الحديث على زيادة غير موجودة في متن الحديث المراد تخريجه، فيقترح أن يقال: (بنحوه وزيادة في أوله)، أو (بمثله وزيادةٍ في أوله)، أو (بمعناه وزيادة في أوله)، وكذا إذا كانت الزيادة في أثناء الحديث أو في آخره.

    وهذه العبارة تستخدم مقيدة؛ كأن يراد تخريج ما رواه قيس بن أبي حازم عن المستورد الفهري - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم)، وهو عند الحميدي (2/ 378 رقم 855) هكذا: قال: حدثنا سفيان قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيس بن أبي حازم يقول: سمعت مستوردًا أخا بني فهر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم ثم ينظر بمَ يرجع إليه).

    وعند المقارنة بين متن حديث الحميدي وبين متن الحديث المطلوب تخريجه يتبيّن أن في متن حديث الحميدي زيادة في آخره، وهي غير موجودة في المطلوب تخريجه، وعندئذٍ يمكن أن يقال: أخرجه الحميدي ( 2/ 378 رقم 855) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم, به، بمثله وزيادة في آخره.

الجانب الرابع: ويتعلق بالتعبير عن طول المتن وقصره، وهو على أحوال؛ منها:

أ‌- أن تكون الزيادات في عدّة مواضع من متن حديث المصدر؛ كأن تكون في أوله وأثنائه وآخره، أو تطول تلك الزيادات، وعندئذٍ يقترح أن يقال: (مطولاً).

ومثاله: أن يراد تخريج ما روى مسلمة بن قيس -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق) ، وهو عند الإمام أحمد (4/ 339) بلفظ: (إنما هنّ أربع: لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا)، فنقول عندئذٍ: (أخرجه الإمام أحمد (4/ 339) بمثله مطولاً).

ب‌- مقابل ما سبق، بمعنى أن تكون تلك الزيادات السابقة في متن الحديث الذي يراد تخريجه، وعندئذٍ يقترح أن يقال: ( مختصرًا، أو: أصله عند فلان).

 مثاله: لو أردنا تخريج حديث: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)، وهو عند الإمام أحمد بلفظ: (الأعمال بالنيات)، فعندئذٍ يمكن أن يقال: ( أخرجه أحمد مختصرًا، أو: أصله عند الإمام أحمد).

الجانب الخامس: ويتعلق بالتعبير عن اختلاف الألفاظ، فعند تقدّم بعض الألفاظ على بعض في متن حديث المصدر يقترح أن يعبر بصيغة ( بتقديم وتأخير)، أو بصيغة: (قدّم وأخّر)، ونحو ذلك من العبارات الدالة على هذا المعنى.

  ومثاله: حديث عثمان - رضي الله عنه-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا ينكح المحرم)، وهو عند الإمام الحميدي (1/ 20 رقم 33) من حديث أبان بن عثمان بن عفان يحدّث عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (المحرم لا يَنكِح ولا يخطب)، فيمكن أن يقال: ( أخرجه الحميدي 1/ 20 رقم 33) من طريق أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه بمثله بتقديمٍ وتأخيرٍ وزيادةٍ في آخره).

الجانب السادس: التعبير عن القصص، والمقصود بالقصص: تلك المناسبات، والأحداث، والزوائد التي يقولها الصحابي أو التابعي عند رواية الحديث أو بعده، وهي أنواع:

أ‌- أن يكون القائل الصحابي، ويقترح أن تسمّى حينئذٍ (قصة المتن).

  مثاله: حديث جرهد الأسلمي - رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (الفخذ عورة)، وهو عند الحميدي (2/ 378 رقم 857) بلفظ: أن جرهدًا - رضي الله عنه- قال: مرّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأنا في المسجد، وعليَّ بردة، وقد انكشفت فخذي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (غطِّ فخذك يا جرهد، فإن الفخذ عورة).

    فقول الصحابي: (مرّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-... وقد انكشفت فخذي)، يسمى قصة المتن، وهذه العبارة تذكر مقيدةً مع ما سبق في الجوانب المتقدمة، ويمكن أن يقال في هذا الحديث: أخرجه الحميدي (ج / ص) بمثله وزيادةٍ في أوله وقصةٍ في متنه.

ب‌- أن يكون القائل التابعي ومن دونه، ويقترح أن تسمّى (قصة الإسناد).

مثالها: عند تخريج ما رواه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن المستورد الفهريّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ)، وهو عند الحميدي (2/ 378 رقم 855) هكذا: حدثنا سفيان قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيس بن أبي حازم يقول: سمعت المستورد أخا بني فهر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم ثم ينظر بِمَا يرجع)، قال سفيان: (وكان ابن أبي خالد يقول فيه: سمعت المستورد أخي بني فهر – يلحن فيه- ، فقلت أنا: أخا بني فهر).

فقول سفيان: (وكان ابن أبي خالد...) يسمّى (قصة الإسناد)، وعلى ذلك يمكن أن يقال: أخرجه الحميدي (2/ 378 رقم 855) عن سفيان، به، بمثله، وبزيادة في آخره، وبقصة في إسناده.

 

 

 

أهم المؤلفات في التخريج

 

       لقد عنى العلماء بهذا العلم وألفوا فيه العشرات من المصنفات التي تخدم العلوم المختلفة كالتفسير والحديث، والفقه والأصول، والعقائد والرقائق، والسيرة واللغة، ومن أهم هذه  المؤلفات المطبوعة:

1.   تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الكشاف, للحافظ جمال الدين الزيلعي 762هـ.

2.   الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف, لابن حجر العسقلاني 852هـ.

3.   الفتح السماوي في تخريج أحاديث البيضاوي, لعبد الرءوف المناوي 1031هـ.

4.   تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي, لأبي همّات 1175هـ.

5.   كشف المناهيج والتناقيح في تخريج أحاديث المصابيح, للحافظ محمد بن إبراهيم السلمي المناوي 803هـ.

6.   هداية الرواة في تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة, للحافظ ابن حجر العسقلاني.

7.   أنيس الساري في تخريج وتحقيق الأحاديث التي ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، لنبيل بن منصور البصارة.

8.   نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية, للزيلعي.

9.   الدراية في تخريج أحاديث الهداية, لابن حجر العسقلاني.

10.   البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للرافعي، لسراج الدين عمر بن الملقن 804هـ.

11.   التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، لابن حجر العسقلاني.

12.   إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

13.   تخريج الأحاديث النبوية الواردة في مدونة الإمام مالك بن أنس، للدكتور/ الطاهر محمد الدرديري.

14.   هداية الرشد لتخريج أحاديث بداية ابن رشد، للشيخ أحمد بن محمد الصديق الغماري.

15.   تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب، لابن كثير.

16.   المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر، لبدر الدين الزركشي 794هـ.

17.   مُوافقة الحُبر الخَبَر بتخريج أحاديث المنهاج والمختصر، لابن حجر العسقلاني.

18.   تخريج أحاديث مختصر المنهاج، للحافظ العراقي 806هـ.

19.   تخريج أحاديث شرح العقائد، للحافظ السيوطي 911هـ.

20.   مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا للقاضي عياض، للسيوطي.

21.   المغني عن حمل الأسفار في الأسفار لتخريج ما في الإحياء من الأخبار، للحافظ العراقي.

22.   نتائج الأفكار بتخريج أحاديث الأذكار، للحافظ ابن حجر العسقلاني.

23.   تخريج الأحاديث والآثار التي وردت في شرح الكافية في النحو، لعبد القادر البغدادي 1093هـ.

24.   فلق الإصباح في تخريج أحاديث الصحاح للجوهري، للسيوطي.



بحث عن بحث