الحلقة (42) المبحث الثاني (عدد المفاصل)

 

1 – حديث عائشة – مرفوعاً –: «إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله عزوجل، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر، وحرك حجراً عن الطريق، أو شاله، أو عظماً، أو أمر بمعروف، ونهى عن منكر، عدد الستين والثلاثمائة السلامى؛ يمشي يومئذ وقد زحزح عن النار». وفي رواية: «فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه صدقة». وفي رواية: «فعليه لكل عظم منها في كل يوم صدقة»(*).

قد جاء ذكر عدد المفاصل أيضاً من حديث بريدة، وروي من حديث ابن عباس كذلك، وجاء عدد العظام من حديث أبي هريرة.

أما حديث عائشة، فأخرجه مسلم(1) – وانفرد به عن الستة – والنسائي(2)، وأبو يعلى(3)، وابن حبان(4)، وأبو الشيخ(5)، وابن مندة(6)، والبيهقي(7)، كلهم من طريقين عن زيد بن سلام،عن أبي سلام، عن عبدالله بن فروخ، عنها، نحوه.

تنبيه: لفظة «يمشي» جاءت في بعض الروايات بالسين المهملة، عند مسلم وغيره، أما الروايتان اللتان ذكرهما المستدل، فليست من حديث عائشة، وإنما جاءت الأولى من حديث بريدة الآتي، وجاء نحو الثانية من حديث أبي هريرة الآتي بعد حديث بريدة.

2 – حديث بريدة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة» قالوا: فمن يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: «النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزئ عنك»(*).

أخرجه أبو داود(8)– وتفرد به عن الستة – وأحمد(9) – واللفظ له – وابن خزيمة(10)، وابن حبان(11)، وابن مندة(12)، كلهم من طرق عن حسين بن واقد المروزي، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه بريدة بن الحصيب، وإسناده صحيح إن شاء الله.

3 – وأما حديث أبي هريرة – المشار إليه سابقاً – فأخرجه البزار(13)، وابن مندة(14)، كلاهما من طريقين عن يحيى بن حماد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عنه، قال: قال رسول الله: «سلامى ابن آدم ثلاثمائة وستون عظماً، عليه في كل يوم لكل عظم صدقة». هذا لفظ ابن مندة، وأما لفظ البزار فبسياق أطول، وأوله: «الإنسان ثلاثمائة وستون عظماً، أو ستة وثلاثون سلامى...» (15).

قال الهيثمي: "هو في الصحيح باختصار"، وهو كما قال؛ فقد أخرجاه(16) من طريق همام – وهو في صحيفته –(17) عن أبي هريرة؛ بأخصر من لفظ البزار، ودون ذكر عدد المفاصل، ولا العظام.

وقال الهيثمي: "رواه كله البزار، ورجاله رجال الصحيح"(18)، وهو كما قال.

4 – وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني(19)، بنحو حديث بريدة، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، (صدوق اختلط جداً، ولم يتميز حديثه، فترك)(20).

الاستدلال :

استدل محمد السيد أرناؤوط، في كتابه (الإعجاز العلمي في القرآن الكريم)(21) بحديث عائشة، واستدل الدكتور/ حامد أحمد حامد، في كتابه (رحلة الإيمان...)(22)، بحديثها وحديث بريدة؛ على الإعجاز العلمي للسنة؛ لأن عدد المفاصل المذكورة في الحديث النبوي، هو نفس العدد الذي توصل إليه علم الطب الحديث.

 

وبوب له الأرناؤوط فقال: "إعجاز تشريحي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم..."، وذكر الحديث، ثم قال: "وبعد أربعة عشر قرناً من الزمان، أثبت العلم الحديث في التشريح للأعضاء، أن جسم الإنسان يحتوي على (360) مفصلاً، موزعة على جميع مناطق الجسم في الإنسان البالغ، كما ورد في الحديث الشريف".

 

وأما الدكتور/ حامد، فقد عد العظام في جسم الإنسان، ثم جمعها، فكانت كما في الحديث، وكذلك فعل بالمفاصل، وهاك ما ذكره.

قال: يمكننا حصر عظام الجسم بعد تمام النمو، في (206) عظمة هي كما يلي: (28) الرأس، (7) فقرات عنقية، (12) فقرات ظهرية، (5) فقرات قطنية، (5) فقرات عجزية، (4) عصعص، (24) ضلوع، (3) قص، (2) لوحي الكتف، (2) ترقوة، (2) عضد، (4) زند وكعبرة، (16) رسغ، (10) كف اليدين، (28) السلاميات، (6) الحوض، (2) الفخذ، (4) قصبة وشظية الساق، (14) عظام صغيرة بالقدم، (28) السلاميات مع إضافة العظمات الوترية بكل إبهام (2)، وأصبع كبير (3)، يكون لدينا مجموع (10) عظمات وَتَرَيِّة، فإذا أضفنا عدد عظام الجسم، مع العظام الوترية، مع المراكز التعظمية الأولية، التي خلق عليها الجنين، يكون مجموع العظام التي نخلق عليها: (206 + 10+ 144) = (360) عظماً.

 

أما مفاصل الجسم فنحددها كما يلي:

 

(147) العمود الفقري: (25 غضاريف بين الفقرات + 72 بين الضلوع والفقرات + 50 بين الفقرات عن طريق اللقيمات الجانبية).

(24) الصدر: (2 عظمة القص +18 بين القص والضلوع + 2 بين الترقوة ولوحي الكتف + 2 بين لوحي الكتف والصدر).

(43) الطرف العلوي: (مفصل كتف + 3 كوع + 4 رسغ + 35 عظام اليد).

(44) الطرف السفلي: (مفصل فخذ + 3 ركبة +3 كاحل + 37 عظام القدم).

(13) الحوض: (2 عظام الورك + 4 فقرات العصعص + 6 عظيمات الحق + الارتفاق العاني).

(2) الفك.

فيكون المجموع الكلي: (147 + 24 + 86 + 88 + 13 +2 = 360  مفصلاً). اهـ.

 

ثم زاد في الاستدلال بحديث عائشة أمراً آخر فقال: "ونلاحظ أن لفظة «خُلق» على وزن "فُعِل" إنما يدل دلالة واضحة، على ما أشرنا إليه من عملية تعظم الأنسجة الغضروفية بعظام الجنين، واستمرارها حتى البلوغ، وإلا لم يذكر عدد عظام الجسم الأولية (360)، التي تنتهي (206) في الإنسان البالغ، وصدق الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى". اهـ.

 



(*) رحلة الإيمان في جسم الإنسان (ص359) وعزاه إلى مسلم، ولم يلتزم ألفاظ الحديث.

(1)  صحيح مسلم – كتاب الزكاة – باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف – (2/698، 699ح 1007).

(2)  عمل اليوم والليلة (ص483، 484ح 837).

(3)  مسند أبي يعلى (8/64، 65ح 4589).

(4)  الإحسان (5/161ح 3371).

(5)  العظمة (5/1619– 1621ح 1065، 1066).

(6)  التوحيد (1/234، 235ح 93، 94).

(7)  السنن الكبرى (4/188).

(*)  رحلة الإيمان في جسم الإنسان ص (359).

(8)  سنن أبي داود – كتاب الأدب – باب في إماطة الأذى عن الطريق (5/406ح 5242)، وفي المطبوع (عبدالله بن بريدة قال: سمعت أبا بريدة) ومثله عند ابن خزيمة، ولم أجد هذه الكنية في ترجمته، فلعل الصواب (سمعت أبي بريدة) – على البدل – كما عند أحمد، والله أعلم.

(9)  المسند (5/354، 359).

(10) صحيح ابن خزيمة (2/229ح1226).

(11) الإحسان (3/79ح 1640) و (4/106ح 2531).

(12) التوحيد (1/236ح 96).

(13) كشف الأستار (1/439ح 928).

(14) التوحيد (1/235،236ح 95).

(15) هكذا «ستة وثلاثون» في كشف الأستار، وفي مجمع الزوائد، ولعله خطأ من الناسخ.

(16) صحيح البخاري – كتاب الصلح – باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم – (5/309ح 2707) وفي كتاب الجهاد – باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر (6/85ح 2891)، وباب من أخذ بالركاب ونحوه (6/132ح 2989) وصحيح مسلم (2/699ح 1009).

(17) صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة (ص298ح 71).

(18) مجمع الزوائد (3/105).

(19) المعجم الكبير (11/55).

(20) تقريب التهذيب، ص (464).

(21) الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ص (91).

(22) رحلة الإيمان في جسم الإنسان ص (359).



بحث عن بحث