المبحث الثاني عشر (نزع الأعراق (1ـ2))

 

1 – حديث أبي هريرة، قال: جاء رجل من بني فزارة، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ولدت امرأتي غلاماً أسوداً – [وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه] – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل لك من إبل»؟ قال: نعم. قال: «فما ألوانها»؟ قال: حمر قال: «هل فيها من أورق»(1)؟ قال: إن فيها لورقا، قال «فأنّى أتاها ذلك»؟، قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: «وهذا عسى أن يكون نزعه عرق»، [ولم يرخص له في الانتفاء منه](*).

وجاء عن ابن عمر نحوه أيضاً.

فأما حديث أبي هريرة، فله عنه طريقان:

الأول: سعيد بن المسيب: أخرجه البخاري(2)، ومسلم(3)، – واللفظ له –(4)، وأبو داود(5)، والترمذي(6)، والنسائي(7)، وابن ماجه(8)، وابن المبارك(9)، والشافعي(10)، وعبدالرزاق(11)، والحميدي(12)، وأحمد(13)، كلهم من طرق عن الزهري عنه، به، نحوه.

الثاني: أبو سلمة بن عبدالرحمن، أخرجه البخاري(14) أيضاً، ومسلم(15)، وأبو داود(16). كلهم من طرق عن الزهري، عنه، نحوه.

وهذا ليس من الاختلاف على الزهري، بل له شيخان في هذا الحديث .

2 – وأما حديث ابن عمر، فأوله: أن رجلاً من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسوداً، وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط! قال: «هل لك إبل»؟، وباقيه بنحو حديث أبي هريرة.

أخرجه ابن ماجه(17) – وانفرد به عن الستة – والعقيلي(18)، كلاهما من طريق أبي كريب، عن عباءة بن كليب الليثي أبي غسان، عن جويرية بن أسماء، عن نافع، عنه.

قال البوصيري: "كذا وقع عند ابن ماجة: [عبادة بن كليب]، وصوابه: [عباءة بن كليب]، كما قال المزي"(19).

وقال العقيلي: "عباءة بن كليب الليثي، عن جويرية بن أسماء، ولا يتابع عليه".

وعباءة بن كليب، (صدوق له أوهام) (20).

وجويرية بن أسماء، (صدوق) (21).

¯         ¯        ¯

3 – حديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً، قال: «ما وُلد لك»؟ قال الرجل: يا رسول الله، ما عسى أن يولد لي، إما غلام، وإما جارية، قال: «فمن يشبه»؟ قال الرجل: يا رسول الله، من عسى أن يشبه، إما أباه، وإما أمه، فقال الرسول - صلوات الله عليه-: «مه.... لا تقولن هكذا، إن النطفة إذا استقرت في الرحم، أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم، أما قرأت هذه الآية في كتاب الله تعالى:{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ }؟ ( الانفطار -8- ) قال: «شكلك»(*).

هذا الحديث هو لرباح اللخمي.

وروي نحوه مختصراً من حديث مالك بن الحويرث.

فأما حديث رباح اللخمي فأخرجه ابن أبي عاصم(22)، والطبري(23)، والطبراني(24)، وأبو نعيم(25)، كلهم من طريق مطهر بن الهيثم الطائي، عن موسى ابن علي بن رباح، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «ما ولد لك»؟.... الحديث، واللفظ للطبري، لكن لفظة: «شكلك» هي عنده: «سلكك» بالسين المهملة ثم لام، وهي كذلك في جامع العلوم والحكم الذي نقل منه المستدل.

وعزاه الهيثمي إلى الطبراني، وقال: " فيه مطهر بن الهيثم وهو متروك ". وبهذا حكم عليه الحافظ(26).

ورباح هو ابن قصير – بفتح أوله – اللخمي، قال عنه ابن الأثير: "من بني القشيب، مصري، جد موسى بن علي بن رباح، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم في زمن أبي بكر، حين قدم حاطب بن أبي بلتعة، رسولاً من أبي بكر، إلى المقوقس، نزل عليهم وهم ببركوت، قرية من قرى مصر"(27)، ونقله الحافظ عن ابن يونس، وزاد: "قد روى يحيى بن إسحاق – أحد الثقات – عن موسى بن علي، قال: سمعت أبي يحدث أن أباه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم في زمن أبي بكر". اهـ.

ثم قال: "وأخرجه البخاري في تاريخه الصغير"(28).

وهذا الحديث عزاه السيوطي إلى البخاري في تاريخه(29)، وإلى الطبري، وابن المنذر، وابن شاهين، وابن قانع، وابن مردويه(30).

 


(1)  الأورق: الأسمر، والوُرْقَه: السُّمْرَة. النهاية في غريب الحديث (5/175).

(*)   خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص152).

(2)  صحيح البخاري – كتاب الطلاق – باب إذا عرض بنفي الولد (9/442ح 5305)، وكتاب الحدود – باب ما جاء في التعريض (12/175ح6847).

(3)  صحيح مسلم – كتاب اللعان – (2/1137ح 1500).

(4)  ما بين المعكوفتين، ذَكَر مسلم أن بعض الرواة زادها، فأدخلها المستدل في السياق الأول.

(5)  سنن أبي داود كتاب الطلاق – باب إذا شك في الولد  (2/694، 695ح 2260، 2261).

(6)  سنن الترمذي – كتاب الولاء والهبة – باب ما جاء في الرجل ينتفي من ولده (4/382 ح 2128).

(7)  سنن النسائي كتاب الطلاق – باب إذا عرض بامرأته، وشك في ولده، وأراد الانتفاء منه (6/178، 189ح 3478، 3479، 3480).

(8)  سنن ابن ماجه – كتاب النكاح – باب الرجل يشك في ولده (1/645ح 2002).

(9)  مسند ابن المبارك (ص 134ح220).

(10) مسند الشافعي (1/31ح 96، 97).

(11) مصنف عبدالرزاق (7/99، 100ح 12371).

(12) مسند الحميدي (2/464، 465ح 1084).

(13) المسند (2/233، 234، 239، 279، 409).

(14) صحيح البخاري – كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة – باب من شبه أصلاً معمولاً بأصل مبين... (13/296ح 7314).

(15) صحيح مسلم (2/1137، 1138ح (.....) /20).

(16) سنن أبي داود (ح2262).

(17) سنن ابن ماجه (1/645، 646ح 2003).

(18) الضعفاء (3/417).

(19) مصباح الزجاجة (2/120). والذي في المطبوعة التي عندي من سنن ابن ماجه على الصواب، فلعل محقهها صححه، أو أن الخطأ في نسخة البوصيري، ونقل المحقق كلام البوصيري فعكسه.

(20) تقريب التهذيب، ص (289).

(21) تقريب التهذيب، ص (143).

(*) خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص 149).

(22) الآحاد والمثاني (5/14ح2549) مختصراً.

(23) تفسير الطبري: (جامع البيان...) (30/87).

(24) المعجم الكبير (5/74ح4624).

(25) معرفة الصحابة (1/245/ب).

(26) تقريب التهذيب (ص535).

(27) أسد الغابة (2/203).

(28) الإصابة (2/192، 193)، وقد بحثت عنه في المطبوع باسم الصغير، فلم أجده فيه، ولعل هذا يؤيد قول من قال: إن المطبوع باسم الصغير، هو الأوسط، والله أعلم.

(29) لم أجده في المطبوعين، فلعله في المفقود أو إحدى نسخ الكبير.

(30) انظر: الدر المنثور (8/439).



بحث عن بحث