صفات الرسول صلى الله عليه وسلم  الخلقية (1-2)

 

الرسول صلى الله عليه وسلم يمثل الكمال الإنساني في أرقى صوره ، فهو غاية الكمال الخَلقي والخُلقي ، أطهر البشر قلوباً ، وأزكاهم أخلاقاً فكان صلى الله عليه وسلم  قمة الكمال ، والجمال في خُلُقه وخَلْقه ولا شك أن ذلك التناسق والجمال الجسمي له أثره الكبير في الدعوة والاستجابة لها فكم من رجل دخل في الإسلام بمجرد رؤيته رسول الهدى صلى الله عليه وسلم  ومشاهدة نور وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم  .

وردت أحاديث وآثار في وصف صفاته الخلقية صلى الله عليه وسلم  عرفها :

 قصة أم مبعد :  

عن حبيش بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخرج من مكة مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى أبي بكر وهو عامر بن عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط – رضي الله عنهم – مروا على خيمة أم معبد الخزاعية وكانت امرأة كبيرة في السن عفيفة عاقلة تجلس بفناء القبة، تسقي وتطعم ، فسألوها لحماً وتمراً ، ليشتروه منها ، فلم يجدوا عندها شيئاً، وكان القوم قد نفذ زادهم وأصابهم القحط فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم  إلى شاة في جانب الخيمة فقال (ما هذه الشاة يا أم معبد؟) قالت: شاة ضعيفة لم تستطع الذهاب مع الغنم ، قال: " أبها من لبن؟" قالت: والله أضعف من ذلك ، قال: (أتأذنين لي أن أحلبها؟) قالت: بأبي وأمي إن رأيت بها حلباً فاحلبها... ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم  ؟

     تعالوا معاً نكمل قصة أم معبد الخزاعية ونتعرف على ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم  :

فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم  فمسح بيده ضرعها ، وسمى الله تعالى ، ودعا لها في شاتها ، ففتحت الشاة ما بين رجليها ، ودرت واجترت ، ودعا بإناء يرويهم ، فحلب لبناً كثيراً حتى علاه رغوة اللبن ، ثم سقاها حتى رويت ، ثم سقى أصحابه حتى رووا ، ثم شرب آخرهم ، ثم حلب ثانياً بعد بدء ، حتى ملأ الإناء ، ثم غادره عندهم وبايعها ، وارتحلوا عنها . وبعد قليل : جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً هزالاً . فلما رأى أبو معبد اللبن عجب !! وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد؟ والشاء بعيدة في المرعى ، ولا حلوب في البيت ؟ قلت : لا والله ، إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا ، قال: صفيه لي يا أم معبد ، قلت: " رأيت رجلاً ظاهر الحسن والجمال والنظافة مشرق الوجه مضيئه ، حسن الخلق ، ، ليس به دقة وهزل ، وليس بصغير الرأس ، حسن الوجه وكان شديد سواد العين مع شدة بياضها ، رموشه طويلة ومنعكفة ، وصوته فيه بحة ، وعنقه مرتفعة وطويلة ، كثيف اللحية ، وحاجبيه متقوسة مع طول في طرفه وامتداده ومقترنه ، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب ، حلو المنطق ، فصل ليس بقليل الكلام فلا يفهم ولا بالكثير الغير مفيد، كأن منطقه خرزات نظمٍ يتحدرن ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً ، له رفقاء يحفون به ، إن قال أنصتوا لقوله ، وإن أمر تبادروا إلى أمره ، يحترمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته وما ذلك إلا لجلالته عندهم ومحبتهم له صلى الله عليه وسلم  .فقال أبو معبد : هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ، ولقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً " ([1]) .

 



([1])    رواه ابن إسحاق في السيرة .



بحث عن بحث