الإمام السيوطي وأسباب الورود (3)

القسم الثالث: ذكر أكثر من سببين للحديث الواحد

قال في كتاب الصلاة:

(حديث: أخرج البخاري(1)ومسلم (2)  عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مسجدنا حتى يذهب ريحها» يعني الثوم.

وأخرج مسلم(3) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا، ويؤذينا بريح الثوم».

سبب: أخرج أحمد(4) عن المغيرة بن شعبة قال: أكلت ثوما ثم أتيت مصلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقني بركعة، فلما صلى قمت أقضي، فوجد ريح الثوم، فقال: «من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مسجدنا حتى يذهب ريحها» قال: فلما قضيت الصلاة أتيت فقلت: يا رسول الله، إن لي عذرا ناولني يدك، قال: فوجدت والله سهلا، فناولني يده فأدخلها في كمي إلى صدري فوجدته معصوبا فقال: «إن لك عذرا».

سبب: وأخرج أحمد(5) ومسلم(6) عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى زمن خيبر عن البصل والكراث فأكلها قوم ثم جاءوا إلى المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألم أنه عن هاتين الشجرتين المنتنتين»؟ قالوا: بلى يا رسول الله ولكن أجهدنا الجوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أكلها فلا يحضر مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم».

سبب: وأخرج أحمد(7) عن أبي ثعلبة الخشني قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس جياع فأصبنا بها حمرا من حمر الإنس فذبحناها قال: فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأمر عبد الرحمن بن عوف فنادى في الناس: «إن لحوم حمر الإنس لا تحل لمن شهد أني رسول الله» قال: ووجدنا في جنباتها بصلا وثوما والناس جياع، فجهدوا، فراحوا فإذا ريح المسجد بصل وثوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربنا» وقال: «لا تحل النهبى، ولا يحل كل ذي ناب من السباع ولا تحل المجثمة».

سبب: وأخرج أحمد(8) ومسلم(9) عن أبي سعيد قال: لم نعد أن فتحت خيبر وقمنا في تلك البقلة فأكلنا منها أكلا شديدا وناس جياع ثم رحلنا إلى المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الريح فقال: «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقرب المسجد» فقال الناس: حرمت حرمت فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكنها شجرة أكره ريحها».(10)

منهج السيوطي في كتابه:

1- اعتمد في تقسيم أسباب ورود الحديث إلى قسمين على البلقيني.

2- قسم كتابه على التقسيم الفقهي في إيراد أبواب الفقه من طهارة وصلاة وغير ذلك.

3- قسم كتابه على ذكر الحديث ثم يتبعه بذكر سببه كما فعل البلقيني.

4- ذكر الأسباب على سبيل التفصيل مع بعض التعليقات على المتن أو الإسناد بغير إطالة.

5- ذكر جميع الأحاديث التي ذكرها البلقيني وزاد عليه لكنه لم يستوعب فترك أحاديث مشهورة في أسباب الورود كحديث الشفاعة وحديث سؤال النجدي وغيرهما.

6- لم يقتصر السيوطي في كتابه على أسباب الورود التي في صورة سؤال وجواب فقط ولم يجعله أصلا لطلب سبب الورود.

7- خالف الإمام البلقيني في أسباب الورود لبعض الأحاديث ولم يجعل لها نفس السبب فتبين أن الأمر مبناه على الاجتهاد.

8- زاد في إيراد الأسباب في بعض الأحاديث على أكثر من سبب واحد.

9- قام بتخريج الأحاديث وأسباب الورود من كتب الأصول وغيرها.


 


(1) صحيح البخاري: كتاب الأذان، باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث وقول النبي صلى الله عليه وسلم من أكل الثوم أو البصل من الجوع أو غيره فلا يقربن مسجدنا (853)

(2)صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوم أو بصلا أو كراثا أو نحوها (561)

(3) صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح وإخراجه من المسجد (563)

(4) مسند أحمد (4/252/ 18230)، وقال الألباني في إصلاح المساجد (ص- 94): صحيح

(5)مسند أحمد (3/387/ 15198)

(6)صحيح مسلم: كتاب الأشربة، باب بيان أن جميع ما ينبذ مما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرا (1985).

(7) مسند أحمد  (4/194/ 17776).

(8) مسند أحمد (3/12/ 11099، 11600)

(9) صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوم أو بصلا أو كراثا أو نحوها (565)

(10) اللمع في أسباب ورود الحديث (ص 40-42)

 



بحث عن بحث