فضائل توحيد الألوهية، ووسائل تقويته

 

ومن ثمرات التوحيد :

1- أنه السبب  الأعظم لنيل رضا الله - سبحانه وتعالى-، التي هي أشرف الغايات، وأعظم المقاصد، وأصل المطالب  .

2- ومن ثمرات تحقيق التوحيد: أن صاحبه يحصل على أفضل الحسنات و أزكاها، وروى الإمام أحمد –رحمه الله- عن أبي ذر –رضي الله عنه-قال: قلت يارسول الله، علمني عملا يقربني إلى الجنة، ويبعدني عن النار قال: (إذا عملت سيئة فهمل حسنه فإنها عشر أمثاله، قال: قلت: يارسول الله، أمن الحسنات لا إله إلا الله، قال : هي أفضل الحسنات).

    وقد ذكر بعض المفسرين في قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) أنها كلمت التوحيد لا إله إلا الله.

3- ومن ثمرات تحقيق التوحيد: أن محقق التوحيد أتى بأفضل شيء في الميزان يوم القيامة، روى الإمام أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما-: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبر أن نوحـًا- عليه السلام-  قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع لو وضعت في كفة، ولا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ، ولو أن الأراضين السبع، والسماوات السبع كن حلقة بهيمة فقصمتهن لا إلا له ألا الله).

4- وتحقيق التوحيد أفضل الأعمال والأذكار وأكثر الحسنات زيادة ونمو، روى الشيخان عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه- وسلم قال:"من قال لا إ له إلا الله وحده الشريك له،  له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنه، ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذالك حتى يمسي، ولم يأتي أحداً أفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه".

 

5- ومحقق التوحيد بصدق وإخلاص يسهل عليه فعل الخيرات، وترك المعاصي والمنكرات، ويسليه عن المصائب والمكاره، فتخف عليه الطاعة، ولا يستثقلها؛ لما يرجو من ثواب الله تعالى، ويهون عليه ترك هوى نفسه وشهواتها؛ لما يخشى من عذاب الله، ووعيده، وعقابه، ويتحمل ما يقدره الله عليه، لما يعلم من عظم ثمار ذلك.

6- وتحقيق التوحيد يدفع صاحبه لمعالي الأمور، ويرفع هامته فوق حطام الدنيا، ويستصغر ما يتنافس فيه أهلها. فهمته عالية، ومطلبه نفيس،  وقلبه أبيض، مليء بالإيمان واليقين؛ لأن من طلب المعالي هانت عليه سفاسفه، فمن كان كذالك فرج الله همه، وجعل غناه في قلبه، وآتته الدنيا وهي راغمة، كما قال - صلوات الله وسلامه عليه-.  

    هذا هو التوحيد، وهذا شيء من ثمراته، وهذا ما يناله الموحدون، الذين عرفوا أنه لاشيء أحب إلى القلوب من خالقها وفاطرها، فهو إلهها، ومعبودها، ووليها، ومولاها، وربها، ومدبرها، ورازقها، ومحييها، ومميتها، فمحبته نعيم النفوس، وحياة الأرواح، وسرور النفوس، وقوت القلوب، ونور العقول، وقرة العيون، وعمارة الباطن، فليس عند القلوب السليمة، والأرواح الطيبة، والعقول الذكية، أحلى، ولا ألذ، ولا أطيب، ولا أسر، ولا أنعم، من محبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والحلاوة التي يجدها المؤمن في قلبه بذلك فوق كل حلاوة، والنعيم الذي يحصل له أتم من كل نعيم، واللذة التي تناله أعلى من كل لذة، حتى قال قائلهم: إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب ا.هـ قاله ابن القيم - رحمه الله-.

 

وسائل تقوية التوحيد:

   يجب أن يصوغ المسلم حياته كلها على هذا التوحيد، وينطلق في جميع فرعيات معتقداته، وسائر أعماله من هذا التوحيد، ويعدل سلوكه، ويقيم تصرفاته، ويبني علاقاته على هذا الأساس المكين، والقاعدة الراسخة، وأن يعمل الوسائل التي تعينه على تمكين هذا التوحيد، وترسيخه في القلوب، وتثبيته في النفوس، وتحقيقه في اللسان والجوارح، وتنميته فيها، فهو كالشجرة اليانعة المثمرة، كلما سقيت، نمت وترعرعت.

 

ومن أهم تلك الوسائل وأعظمها:

1- معرفة الله تعالى حق معرفته، فيعرف أنه خالقه، ورازقه، ومحييه، ومميته، وشافيه، وكافيه، وهو مدبر الكون، ومصرف الأحوال ،  وعالم الخفيات، و المطلع على السر والنجوى، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه،  فمن عرف الله تعالى عظم في نفسه، وكان حقيقا على نفسه أن يوحده، ويخلص له توحيده وعبادته.

2- والو سيله الثانية: استشعار عظمة الخالق، ومعرفة حقه – سبحانه-، وتصور ذالك تصويراً في كل قول تلفظ به، أو عمل تقترفه وتمارسه، سواء كنت وحدك، أو يراك الآخرون  .

3- والوسيلة الثالثة: التي تثبت التوحيد في النفوس، وتنمية العمل بالفرائض، والالتزام به، و المداومة عليها، واستشعار وجوبه، وتصور فضلها، ومعاقبة تاركها، والتساهل فيه، فقد أخبر الرسول - صلى الله علي وسلم- عن ربه أنه ما تقرب عبد بأحب مما افترضه عليه، ومن أحب مولاه نفذ أوامره، ولبى طلباته، وأطاعه.

4- والوسيلة الرابعة:تجنب معاصيه، صغيرها وكبيرها، ولا تنظر إلى صغر ذلك الذنب، أو تستهين بتلك المعصية، ولكن استشعر عظمة من عصيت، ومن ترك المعاصي، واستشعر عظم الذنب في مقارفتها، حري بعدم خدش التوحيد، بل كان عملاً قوياً في تشبيهه ونمائه.

5- والوسيلة الخامسة: التزود بالعلم الشرعي،  ومعرفة أحكام الحلال و الحرام، وما يقرب إلى المولى ، وما يزيد في محبته وتعظيمه،  فالعلم نور البصائر،  وضياء القلوب، وميز العقول، وبه يعرف الحق من الباطل،  ويميز الصواب من الخطأ، وهو ميدان الأنبياء، وخير الأعمال النوافل المقربة إلى المولى،  ومن جهل شيئاً فعليه بالتعلم والسؤال، وقد تيسرت- ولله الحمد – سبل التعلم والأسئلة، ولم يبق عذر لجاهل، أو متجاهل، فيروي نفسه المهالك.

6- والوسيلة السادسة:الإكثار بقدر ما تستطيع من نوافل العبادات، فهي تجبر الناقص من الفرائض،  وترفع الدرجات، وتكفر السيئات، وتعمق التوحيد، وتورث خشية الخالق، ويؤكد هنا – بخاصة- على الإكثار من  قراءة كتاب الله تعالى، والتأمل فيه، وبالذات ما يتعلق ببيان عظمة الله وقدرته، ثم الإكثار من ذكر الله، وإحيائه في النفوس، والتزام الأذكار المقيدة بأوقاتٍ وأحوالٍ وأمكنةٍ، فمن أحب شيئا أكثر من ذكره.

7- ومن الوسائل المثبتة للتوحيد : تطهير القلوب من الحسد، والحقد، والبغضاء، وكره الآخرين، وحب آذاهم، والفرح بما يقدر عليهم من أذى،  فطهارة القلب من أسباب القرب من الله وتوحيده.

 

 

 

 

 



بحث عن بحث