الحلقة (33) حديث (لا تسبوا أصحابي.....)

 

قال الإمام مسلم رحمه الله في كتاب فضائل الصحابة من صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أحداً من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)).

المبحث الأول، التخريج:

هذا الحديث أورده مسلم ـ رحمه الله ـ من هذين الطريقين ثم قال: حدثنا أبو سعيد الأشج وأبو كريب قالا: حدثنا وكيع عن الأعمش (ح) وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي (ح) وحدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا ابن أبي عدي جميعاً عن شعبة عن الأعمش بإسناد جرير، وأبي معاوية بمثل حديثهما، وليس في حديث شعبة و وكيع ذكر عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد.

وأخرجه البخاري في (كتاب فضائل الصحابة) من صحيحه فقال: حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة عن الأعمش قال: سمعت ذكوان يحدث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه  قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه))، تابعه جرير، وعبد الله بن داود، وأبو معاوية، ومحاضر عن الأعمش.

وأخرجه أبو داود في سننه في (كتاب السنة، باب في النهي عن سب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم )، فقال: حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)). وأخرجه الترمذي في (كتاب المناقب) من جامعه فقال: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود قال أنبأنا شعبة عن الأعمش قال: سمعت ذكوان أبا صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه)). قال هذا حديث حسن صحيح، ومعنى قوله (نصيفه): يعني نصف المد. حدثنا الحسن بن عليّ الخلال ـ وكان حافظاً ـ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم  نحوه.

وأخرجه ابن ماجه في أوائل سننه فقال: حدثنا محمد بن الصباح حدثنا جرير (ح) وحدثنا عليّ بن محمد حدثنا وكيع (ح) وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية جميعاً عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفه)).

وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) فقال: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه)).

وأخرجه عن أبي سعيد الخدري من طريق وكيع وشعبة عن الأعمش بمثل لفظه عند الترمذي، وأخرجه من حديث شعبة عن الأعمش بمثل لفظه عند البخاري.

المبحث الثاني: التعريف برجال الإسناد:

الأول: شيخ مسلم يحيى بن يحيى التميمي، قال الحافظ في (التقريب): يحيى بن يحيى بن بكير بن عبد الرحمن التميمي أبو زكريا النيسابوري، ثقة ثبت إمام، من العاشرة، مات سنة ست وعشرين ـ أي بعد المائتين على الصحيح ـ، ورمز لكونه من رجال البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي. وقال في (تهذيب التهذيب): روى عن مالك، وسليمان بن بلال، والحمادين، وغيرهم سماهم. ثم قال: وعنه البخاري، ومسلم، وروى الترمذي عن مسلم عنه، وروى النسائي عن عبيد الله بن فضالة ومحمد بن يحيى الذهلي عنه، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم سماهم. ثم ذكر الكثير من ثناء الأئمة عليه، ومن ذلك: قال صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثله. وقال إسحاق بن راهويه: ما رأيت مثله وما رأى مثل نفسه. قال: وهو أثبت من عبد الرحمن بن مهدي. قال: ومات يوم مات وهو إمام لأهل الدنيا. وقال بشر بن الحكم النيسابوري: حزرنا في جنازة يحيى بن يحيى مائة ألف إنسان.

الثاني والثالث: شيخا مسلم أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء، وقد مر ذكرهما في رجال إسناد الحديث الأول.

الرابع والخامس: أبو معاوية وشيخه الأعمش وقد مر ذكرهما في رجال إسناد الحديث الثالث.

السادس: أبو صالح السمان تقدم في رجال إسناد الحديث السادس.

السابع: أبو هريرة رضي الله عنه  وقد تكرر ذكره.

أما بقية رجال الإسناد الثاني فأولهم: شيخ مسلم عثمان بن أبي شيبة، قال الحافظ في (التقريب): عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، ثقة، حافظ شهير، وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ـ أي بعد المائتين ـ وله ثلاث وثمانون سنة، ورمز لكونه من رجال الجماعة سوى الترمذي. وكذا رمز في (تهذيب التهذيب)، والخزرجي في (الخلاصة)، لكن ذكر الحافظ في (تهذيب التهذيب) أنه روى عنه الجماعة سوى الترمذي، وسوى النسائي فروى في (اليوم والليلة) عن زكريا بن يحيى السجزي عنه، وفي مسند عليّ عن أبي بكر المروزي عنه. وقال في (تهذيب التهذيب): العبسي مولاهم أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، صاحب المسند والتفسير.

ثم ذكر جماعة روى عنهم منهم: هشيم، وحميد بن عبد الرحمن الرواسي، وعبدة بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم سماهم. ثم ذكر جماعة رووا عنه منهم: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وغيرهم سماهم. ونقل توثيقه عن ابن معين، وقال: ذكره ابن حبان في (الثقات)، وختم ترجمته بقوله: وفي (الزهرة) روى عنه البخاري ثلاثة وخمسين حديثاً، ومسلم مائة وخمسة وثلاثين حديثاً. وقال الحافظ في مقدمة (فتح الباري): وثقه يحيى بن معين، وابن نمير، والعجلي، وجماعة.

الثاني: جرير، وهو ابن عبد الحميد، تقدم في رجال إسناد الحديث السادس.

الثالث: أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال الحافظ في (التقريب): سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري، أبو سعيد الخدري، له ولأبيه صحبة، اُستصغر بأُحد ثم شهد ما بعدها، وروى الكثير، ومات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين، وقيل سنة أربع وسبعين، ورمز لكون حديثه في الكتب الستة.

وقال الخزرجي في (الخلاصة): بايع تحت الشجرة، وشهد ما بعد أُحد، وكان من علماء الصحابة، له ألف ومائة حديث وسبعون حديثاً، اتفقا على ثلاثة وأربعين، وانفرد البخاري بستة وعشرين، ومسلم باثنين وخمسين. وذكر الحافظ في مقدمة فتح الباري أن له في (صحيح البخاري) ستة وستين حديثاً. وقال في (تهذيب التهذيب): روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن أبيه، وأخيه لأمه قتادة بن النعمان، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وزيد بن ثابت، وأبي قتادة الأنصاري، وعبد الله بن سلام، وأسيد بن حضير، وابن عباس، وأبي موسى الأشعري، ومعاوية، وجابر بن عبد الله. وعنه ابنه عبد الرحمن، وزوجته زينب بنت كعب بن عجرة، وابن عباس، وابن عمر، وغيرهم سماهم.

المبحث الثالث: لطائف الإسنادين وما فيهما من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث.

(1) يحيى بن يحيى التميمي ذكره الدهلوي في (بستان المحدثين) من رواة الموطأ عن مالك، وصيغة الأداء التي يستعملها في الرواية عنه (قرأت على مالك) وهي كثيرة في صحيح مسلم، وهو غير يحيى بن يحيى الليثي صاحب الرواية المشهورة للموطأ، فإن يحيى الليثي لم يخرج له أصحاب الكتب الستة شيئاً، وقد شارك يحيى التميمي في الاسم واسم الأب، والرواية عن مالك، وذلك من أمثلة النوع المسمى في علم مصطلح الحديث (بالمتفق والمفترق).

(2) عثمان بن أبي شيبة شيخ مسلم في الإسناد الثاني هو أخو أبي بكر بن أبي شيبة في الإسناد الأول، وعثمان أكبر من أبي بكر، وتوفى عثمان بعد أبي بكر بأربع سنوات، وأبو بكر أحفظ وأكثر رواية من عثمان، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في شرحه لنخبة الفكر: أن من المهم في علم المصطلح معرفة الإخوة والأخوات، وقال: وقد صنف فيه القدماء كعلي بن المديني. انتهى. وهذا من أمثلة ذلك.

(3) ستة من رجال الإسنادين كوفيون وهم: أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، ومحمد بن العلاء، وأبو معاوية، وجرير بن عبد الحميد، والأعمش، وثلاثة مدنيون وهم: الصحابيان والراوي عنهما أبو صالح السمان، أما العاشر وهو يحيى بن يحيى فهو نيسابوري.

(4) أبو معاوية وشيخه الأعمش مدلسان، وقد صرح الأعمش بالسماع من أبي صالح في (صحيح البخاري) و(جامع الترمذي) كما في التخريج، وصرح أبو معاوية بالتحديث في روايته عن الأعمش كما في مسند الإمام أحمد، وتقدم في التخريج.

(5) في رجال الإسنادين تابعيان وهما: الأعمش، وأبو صالح السمان، فالحديث من رواية تابعي عن تابعي.

(6) الصحابيان في الإسنادين من السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين زادت رواية كل منهم عن ألف حديث، وأبو هريرة رضي الله عنه  أكثر السبعة حديثاً، وأبو سعيد رضي الله عنه  أقل السبعة حديثاً.

(7) خمسة من رجال الإسنادين ذكروا بالكنية، وقد اشتهروا بها وهم: أبو هريرة رضي الله عنه  واسمه عبد الرحمن بن صخر، وأبو سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك، وأبو صالح واسمه ذكوان، وأبو معاوية واسمه محمد بن خازم، وأبو بكر بن أبي شيبة واسمه عبد الله بن محمد، وفي الإسناد الأول محمد بن العلاء وكنيته أبو كريب، وقد اشتهر بها أيضاً، وفيهما الأعمش هو لقب اشتهر به واسمه سليمان بن مهران.

(8) سبعة من رجال الإسنادين خرّج حديثهم في الكتب الستة، ولم يخرّج الترمذي لأبي بكر بن أبي شيبة، وأخوه عثمان لم يخرّج له الترمذي والنسائي، ويحيى بن يحيى التميمي لم يخرّج له أبو داود وابن ماجه.

(9) قال الحافظ ابن حجر في ترجمة يحيى بن يحيى في (تهذيب التهذيب): وروى الترمذي عن مسلم عنه، أي روى عنه الترمذي بواسطة مسلم ولم يرو الترمذي عن مسلم سوى حديث واحد، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمة الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ، فإن كان لم يرو عنه إلا بواسطة مسلم فقط فليس له في جامع الترمذي سوى حديث واحد وهو حديث: ((احصوا هلال شعبان لرمضان)).

(10) حديث أبي هريرة رضي الله عنه  مما انتقد على مسلم، قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) في شرحه حديث أبي سعيد عند البخاري من رواية شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد ومتابعة جرير بن عبد الحميد وعبد الله بن داود وأبي معاوية ومحاضر لشعبة في الرواية عن الأعمش: وقد خرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب، ويحيى بن يحيى ثلاثتهم عن أبي معاوية، لكن قال فيه: عن أبي هريرة بدل أبي سعيد، وهو وهم كما جزم به خلف، وأبو مسعود، وأبو عليّ الجياني وغيرهم، وحاصل ما ذكره الحافظ ابن حجر في الاستدلال على الوهم ثلاثة أمور:

الأول: أن الرواة مطبقون على رواية هذا الحديث عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد لا عن أبي هريرة ومنهم شيوخ مسلم في هذا الحديث.

الثاني: قال الحافظ في (الفتح): قال المزي: كأن مسلماً وهم في حال كتابته، فإنه بدأ بطريق أبي معاوية، ثم ثنى بحديث جرير فساقه بإسناده ومتنه، ثم ثلث بحديث وكيع، وربَّع بحديث شعبة ولم يسق إسنادهما بل قال: بإسناد جرير وأبي معاوية. فلولا أن إسناد جرير وأبي معاوية عنده واحد لما أحال عليهما معاً، فإن طريق وكيع وشعبة جميعاً تنتهي إلى أبي سعيد دون أبي هريرة اتفاقاً. انتهى كلامه يعني المزي.

الثالث: قال الحافظ في (الفتح): وأخرج أبو نعيم أيضاً من رواية أحمد ويحيى بن عبد الحميد وأبي خيثمة وأحمد بن جواس كلهم عن أبي معاوية فقال: عن أبي سعيد، وقال بعده: أخرجه مسلم عن أبي بكر، وأبي كريب، ويحيى بن يحيى، فدل على أن الوهم وقع فيه ممن دون مسلم، إذ لو كان عنده عن أبي هريرة لبينه أبو نعيم، ويقوي ذلك أن الدار قطني مع جزمه في (العلل) بأن الصواب أنه من حديث أبي سعيد لم يتعرض في تتبعه أوهام الشيخين إلى رواية أبي معاوية هذه. انتهى.

وقد أوضح الحافظ في (الفتح) طرق هذا الحديث، وأن الصواب فيها عن أبي سعيد لا عن أبي هريرة، وقال في ختام كلامه: وقد أمليت على هذا الموضع جزءاً مفرداً لخصت مقاصده هنا بعون الله تعالى. انتهى.

المبحث الرابع: شرح الحديث:

(1) هذا الحديث هو مسك الختام للأحاديث التي أوردها الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في صحيحه في (كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنه ) فإنه أورد في هذا الكتاب الفضائل الخاصة بكل صحابي، ثم الفضائل العامة للصحابة، وختمها بهذا الحديث المشتمل على بيان منـزلتهم العظيمة عند الله، وما أعده من الثواب الجزيل لهم، والدال على أن العمل الكثير والكثير من غيرهم لا يساوي العمل القليل منهم رضي الله عنه  وأرضاهم، وأن الواجب على كل مسلم ناصح لنفسه أن لا يذكرهم إلا بخير، وأن يصون لسانه عن ذكرهم بسوء، وجعلُ الإمام مسلم هذا الحديث خاتمة الأحاديث الدالة على فضلهم رضي الله عنه  من حسن ترتيبه وبديع تنظيمه في صحيحه، فكأن لسان حاله يقول بعد أن ذكر فضائلهم الخاصة وفضائلهم العامة رضي الله عنه : من ذا الذي تحدثه نفسه بالنطق بكلمة واحدة فيها غمز لهؤلاء الصفوة المختارة من البشر لصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ، الذين يفوق قليلهم كثير غيرهم، والذين متعهم الله في هذه الحياة الدنيا برؤيته صلى الله عليه وسلم ، وسماع كلامه، ونصرته وتأييده، وحمل سنته صلى الله عليه وسلم  إلى الأجيال اللاحقة، والذين حصل لهم شرف صحبته ونسبتهم إليه ـ وأكرم بها من نسبة ـ في قوله (أصحابي)، أفمثل هؤلاء يسبون أو مثل هؤلاء يفكر في القدح فيهم، إلا مخذول مرذول قد استحوذ عليه الشيطان، نعوذ بالله من الخذلان.

(2) هذا الحديث أورده مسلم في صحيحه من طريق أبي معاوية، وعقبها بطريق جرير بن عبد الحميد، وقد اشتملت طريق جرير على بيان سبب الحديث وهو ما جرى بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، فإذا كان سيف الله خالد بن الوليد وغيره ممن أسلم بعد الحديبية لا يساوي العمل الكثير منهم القليل من عبد الرحمن بن عوف وغيره ممن تقدم إسلامه، مع أن الكل تشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم ، فكيف بمن لم يحصل له شرف الصحبة بالنسبة إلى أولئك الأخيار، إن البون لشاسع وإن الشقة لبعيدة، فما أبعد الثرى عن الثريا، بل وما أبعد الأرض السابعة عن السماء السابعة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

(3) هذا الحديث في فضل الصحابة رضي الله عنه ، وهو قطرة من بحور الكتاب والسنة الزاخرة بفضائلهم رضي الله عنه  وأرضاهم، فإن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم  مملوءان من ذكرهم بالخير والثناء عليهم بالجميل، فقد قال الله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )وقال تعالى: ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ).

وقال الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (.

وقال تعالى في بيان مصارف الفيء:( ِللْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ{8} وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{9} وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).

هذه ثلاث آيات من سورة الحشر، الأولى منها في المهاجرين، والثانية في الأنصار، والثالثة في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهم، سائلين الله أن لا يجعل في قلوبهم غِلاًّ لهم، وليس وراء هذه الأصناف الثلاثة إلاَّ الخذلان والوقوع في حبائل الشيطان، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير بشأن بعض هؤلاء المخذولين: ((يا ابن أختي أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  فسبوهم))، أخرجه مسلم في أواخر صحيحه، وقال النووي في شرحه بعد ذكر آية الحشر، وبهذا احتج مالك في أنه لاحق في الفيء لمن سب الصحابة رضي الله عنه ، لأن الله تعالى إنما جعله لمن جاء بعدهم ممن يستغفر لهم.

وقال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية: وما أحسن ما استنبط الإمام مالك ـ رحمه الله ـ من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم: ) رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ(.

وقال صلى الله عليه وسلم : ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)). أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  بلفظ: ((خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، والله أعلم ذكر الثالث أم لا. وأخرجه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم  أي الناس خير؟ قال: ((القرن الذي أنا فيه، ثم الثاني، ثم الثالث)). وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم)). وروى ابن بطة بإسناد صحيح كما في (منهاج السنة) لابن تيمية عن ابن عباس أنه قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلمقام أحدهم ساعة ـ يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم  ـ خير من عمل أحدكم أربعين سنة))، وفي رواية وكيع: ((خير من عمل أحدكم عمره)).

ولما ذكر سعيد بن زيد رضي الله عنه  العشرة المبشرين بالجنة قال: ((والله لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  يغبر فيه وجهه، خير من عمل أحدكم ولو عمِّر عمر نوح))، أخرجه أبو داود والترمذي.

وعن جابر رضي الله عنه  قال: قيل لعائشة: إن ناساً يتناولون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  حتى أبا بكر وعمر. فقالت: ((وما تعجبون من هذا، انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر)). أخرجه رزين كما في (جامع الأصول) ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم  في الحديث الصحيح: ((إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)).

(4) الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم  مؤمناً به ومات على الإسلام، والصحابة عدول بتعديل الله تعالى لهم، وثنائه عليهم، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم . قال النووي في (التقريب) الذي شرحه السيوطي في (تدريب الراوي): ((الصحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم، بإجماع من يعتد به)). انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر في (الإصابة): ((اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول، ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة)). انتهى. ولهذا لا تضر جهالة الصحابي فإذا قال التابعي: عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم . لم يؤثر ذلك في المروي لأن الجهالة في الصحابة لا تضر لأنهم كلهم عدول. قال الخطيب البغدادي في كتاب (الكفاية): ((كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يلزم العمل به إلاّ بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النظر في أحوالهم، سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن))، ثم ساق بعض الآيات والأحاديث في فضلهم رضي الله عنه ، ثم قال: ((على أنه لو لم يرد من الله عزوجل  ورسوله صلى الله عليه وسلم  فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليه من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنـزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين، الذين يجيئون بعدهم أبد الآبدين)). وروى بإسناده عن أبي زرعة قال: ((إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة)).

(5) مذهب أهل السنة والجماعة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  وسط بين المفرطين الغالين، الذين يرفعون من يعظمون منهم إلى مالا يليق إلا بالله، وبين المفرِّطين الجافين، الذين ينتقصونهم ويسبونهم، فهم وسط بين طرفي الإفراط والتفريط، يحبونهم جميعاً، وينـزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، فلا يرفعونهم إلى مالا يستحقون، ولا يقصرون بهم عما يليق بهم، فألسنتهم رطبة بذكرهم بالجميل اللائق بهم، وقلوبهم عامرة بحبهم، وما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون، إما مصيبون ولهم أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوا معصومين بل هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم، وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم، ولهم من الله المغفرة والرضوان، وكتب أهل السنة مملوءة من بيان هذه العقيدة الصافية النقية في حق أولئك الأخيار الذين ما كانوا ولا يكونون رضي الله عنه  وأرضاهم، ومن ذلك قول الطحاوي في (عقيدة أهل السنة): ((ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان)).

وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة: ((وأن خير القرون القرن الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون، أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضي الله عنه  أجمعين، وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم  إلاّ بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب)).

وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب (السنة): ((ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  كلهم أجمعين، والكف عن الذي جرى بينهم، فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  أو واحداً منهم، فهو مبتدع رافضي، حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة)). وقال: ((لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه، ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وخلده في الحبس حتى يتوب ويراجع)).

وقال الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني في كتاب (عقيدة السلف وأصحاب الحديث): ((ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم أو نقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم، والموالاة لكافتهم)).

هذه أربعة نماذج من أقوال السلف الصالح فيما يجب اعتقاده في حق خيار الخلق بعد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم ورضي الله عن الصحابة أجمعين. ومما ينبغي التفطن له أن القدح في هؤلاء الصفوة المختارة رضي الله عنه  قدح في الدين، لأنه لم يصل إلى من بعدهم إلا بواسطتهم، وأن القدح فيهم لا يضرهم شيئاً بل يفيدهم كما في حديث المفلس ولا يضير القادح إلا نفسه، فمن وجد في قلبه محبة لهم وسلامة من الغلّ لهم، وصان لسانه من التعرض لهم بسوء، فليحمد الله على هذه النعمة، وليسأل الله الثبات على هذا الهدى، ومن كان في قلبه غلّ لهم، وأطلق لسانه بذكرهم بما لا يليق بهم، فليتق الله في نفسه، ويقلع عن هذه الجرائم، وليتب إلى الله، مازال باب التوبة مفتوحاً قبل أن يندم حيث لا ينفع الندم.

(6) قوله (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه). المعنى: لو تصدق أحدكم بصدقة تشبه جبل أحد في كثرتها وضخامتها، فإن هذه الصدقة لا يساوي ثوابها ثواب مدّ أو نصف مدّ يتصدق به صحابي، والمد مكيال يقدر بربع الصاع، ومعنى نصيفه أي: نصف المدّ. قال الحافظ في (الفتح): النصيف بوزن رغيف هو النصف، كما يقال عشر وعشير وثمن وثمين، وقيل النصيف مكيال دون المدّ.

وقال النووي في شرح صحيح مسلم: وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم، لأن إنفاقهم كان في نصرته وحمايته صلى الله عليه وسلم ، وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم، وقد قال الله تعالى: ( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) الآية، هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة، والتودد، والخشوع، والتواضع، والإيثار، والجهاد في الله حق جهاده، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشيء.

(7) من فقه الحديث وما يستنبط منه:

(1) بيان فضل الصحابة وعظم منـزلتهم رضي الله عنه .

(2) تحريم سب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم  والمبالغة في ذلك.

(3) أن النهي عن سب الصحابة عام في جميعهم لقوله: ((لا تسبوا أحداً من أصحابي)).

(4) جواز الحلف من غير استحلاف.

(5) تعظيم الله والثناء عليه في القسم.

(6) في الحديث دلالة على أن قوله صلى الله عليه وسلم : ((من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت))، ليس المقصود منه قصر الحلف على أن يكون بلفظ الجلالة.

(7) أن العمل الكثير من غير الصحابة لا يساوي العمل القليل منهم.

(8) بيان ما أعدّه الله للصحابة من جزيل الثواب.

(9) التنبيه إلى أن التشبيه والتمثيل يكون في ما هو جلي واضح.

(10) التنبيه إلى أن اللائق في حق الصحابة الثناء عليهم وذكرهم بالجميل.

(11) أن الصحابة أفضل ممن بعدهم، وأن كل فرد منهم أفضل من أي فرد سواهم.

(12) أن ثواب المطيعين بفضل الله يتفضل على من شاء بما شاء.

 

 



بحث عن بحث