مصادر قيم الإسلام الخلقية - المصادر الأصلية- (9-9).

 

 

 

السنة وقيم الإسلام الخلقية:

   إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تعد مثالاً لمكارم الأخلاق واستقامة السلوك, بل إن سيرته عليه الصلاة والسلام تمثل الكمال الإنساني في كافة الجوانب, ومنها الجانب الخلقي, ولهذا وجه الله تعالى المؤمنين إلى الاقتداء به والتأسي بسيرته, فقال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} ([1]).

   وهو في هذا عليه الصلاة والسلام سالك سبيل القرآن مهتدي بهديه, مطبق تعاليمه, ملتزم أوامره, كما وصفته أم المؤمنين عائشة([2]) رضي الله تعالى عنها بقولها: (كان خلقه القرآن)([3]).

   كما سلك عليه الصلاة والسلام طريق القرآن في بناء الأخلاق وتقويم السلوك, فجاء الحديث عن الأخلاق في السنة موثوق الصلة بالعقيدة, مع الاهتمام بأصول الأخلاق والإلزام بها والتحذير من مخالفتها, والإشارة في كثير من الأحيان إلى حكمها والمصالح التي شرعت لأجلها.

   وبعد هذا كله فقد جاءت السنة فيما يتعلق بالقيم الخلقية أوسع بياناً وأكثر تفصيلاً عنها في القرآن الكريم, فغالباً ما يأتي الحديث في القرآن الكريم عن القيم الخلقية مجملاً, وبإشارات لطيفة فتأتي السنة بتفصيل ذلك وبيان ما لابد منه.


 

 

   فمن ذلك الأمر بإكرام الضيف, فقد جاءت الإشارة إليه في قوله تعالى:{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ* فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } ([4])

وقال تعالى: { وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ }([5]).

   أما في السنة فنجد الأمر به في قوله عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)([6]).

وفي المقدار الواجب من ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (‏من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته‏"‏ قالوا‏:‏ وما جائزته يا رسول الله قال‏:‏ ‏"‏يومه وليلته‏، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه)([7]).

وفي رواية للبخاري في بيان ما يجب على الضيف من مراعاة حال مضيفه يقول عليه الصلاة والسلام: (ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه) ([8])

   هذا فيما يتعلق بإكرام الضيف، ومثله متحقق في جملة من القيم الخلقية؛ كبر الوالدين وصلة الرحم وحق الجار ... تأتي الإشارة إليها مجملة في القرآن وتأتي السنة بتفاصيلها وبيانها، وقد قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}([9]).

 
 


(1) سورة الأحزاب (21).

( 2)عائشة بن أبي بكر الصديق القرشية التيمية, أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم, أفقه نساء الأمة, ماتت سنة 57 هـ على الصحيح, سير أعلام النبلاء (2/135), الإصابة (4/350), تقريب التهذيب 750.

(3) رواه أحمد وغيره, أحمد البنا – الفتح الرباني (22/ 17), وصححه الألباني انظر: صحيح الجامع الصغير (4/ 238).

(4) سورة الذاريات  24-27.

( 5) سورة هود  (78).

(6)  متفق عليه, ابن حجر – فتح الباري (10/531), النووي – شرح صحيح مسلم (1/221).

( 7 ) متفق عليه, واللفظ لمسلم – ابن حجر- المرجع السابق (10/531), النووي – المرجع السابق (1/221).

( 8) ابن حجر– فتح الباري (10 /531).

( 9)  سورة النحل (44).

 

 



بحث عن بحث