تابع الْحَثِّ عَلَى تعلمِ كِتَابِ اللَّهِ

ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في تعلم الخير وبيان ما له من أجر:

وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في تعلم الخير وتعليمه للناس ، وعده كأجر حاج ، تاما حجته في قوله صلى الله عليه وسلم (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه،كان له كأجر حاج،تاما حجته)(1)

ولا ريب أن تعلم القرآن وتعليمه يأتي في مقدمة الخير الذي يُعلم أو يُتعلم ، ذلك أنه كلام الله جل جلاله .

وفي حديث أخر أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن متعلم الخير ومعلمه بمنزلة المجاهد في سبيل الله تعالى .

قال صلى الله عليه وسلم : ( من جاء مسجدي هذا ، لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يُعلمه ، فهو بمنزلى المجاهد في سبيل الله ، ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره )(2)

وأجدر بمتعلم القرآن ومعلمه أن يُنزَّل منزلة المجاهد في سبيل الله تعالى ، ذلك أنه جاهد نفسه وهواها ، وجاهد الشيطان ، وصبر وصابر ورابط في هذه الحِلق المباركة ، وترك الدنيا وزينتها ، فاستحق هذا الشرف العظيم جزاء وفاقا .

وكان الصحابة وتابعوهم أحرص الناس على تعلم وتعليم كتاب الله عز وجل وحث الناس وتشجيعهم على احتساب الأجر في ذلك

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه  قال: " لو جعل لأحد خمس قلائص (3)إن صلى الغداة بالقرية لَبَات يقول لأهله: لقد آن لي أن أنطلق، والله لا يقعد أحدكم فيتعلم خمس آيات من كتاب الله ، فلهن خير له من خمس قلائص، وخمس قلائص "(4).

وعن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :" أنه كان يقرئ القرآن ، فيمر بالآية ، فيقول للرجل : خذها ، فوالله لهي خير مما على الأرض من شيء "(5)

وروى عن الأعمش قال: مر أعرابى بعبد الله بن مسعود وهو يقرئ قومًا القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد (صلى الله عليه وسلم)(6)

وقال عبد الله بن عمرو: عليكم بالقرآن، فتعلموه وعلموه أبنائكم، فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظًا لمن عقل.

وقال ابن مسعود: لا يسأل أحد عن نفسه غير القرآن، فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله.(7)

وأجر تعلم وتعليم القرآن العظيم ليس حكرا على الصحابة الكرام وتابعيهم ، وإنما هو لكل من يحذو حذوهم ويسير على خطاهم المباركة في تعلم كتاب الله تعالى إلى يوم الدين ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .


 (1) أخرجه الطبراني في الكبير ( 7473 ) وعزاه له المنذري في الترغيب ، كتاب العلم ، باب الترغيب في الرحلة في طلب العلم ( 3 )وقال : " رواه الطبراني في الكبير بإسناد لا بأس به " ، وقال الألباني في صحيح الترغيب (1 / 145 ح 86 ) : " حسن صحيح "،واخرجه الحاكم في المستدرك ( 311 ) بلفظ ( أجر معتمر تام العمرة ) وصححه على شرط البخاري ، ووافقه الذهبي ـ

(2) أخرجه ابن ماجه ، المقدمة ، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (227 ) وقال الألباني في صحيح ابن ماجه (186 ) : " صحيح"

(3) ت القلائص : جمع قلوص ، وهي الناقة الشابة .انظر النهاية ( 4/ 100 )

(4) ت أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ( 30075 )

(5) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 52 ، وقال الهيثمي في المجمع :" رواه الطبراني ورجاله ثقات "

 (6) المصدر السابق ص 51 .وقال الهيثمي في المجمع ( 1 / 123 ، 124 ) :" رواه الطبراني في الأوسط ، وإسناده حسن "

 (7) شرح ابن بطال لصحيح البخاري ( 10 / 265 ).



بحث عن بحث