أهل القرآن هم أهل الله وخاصته(3)

المقصود من اللقاء بالقرآن :

تأمل معي هذا الحديث النبوي الذي يربط بين الأمرين . بين قيمة القرآن ، وبين ثواب قراءته .

 عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى ، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم . إن هذا القرآن حبل الله عز وجل ،وهو النور المبين ، والشفاء النافع ، عصمة لمن تمسك به ، ونجاة لمن اتبعه ، لا يعوج فيقوم ، ولا يزيغ فيستعتب ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد . فاتلوه ، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات ، أما إني لا أقول الم ، ولكن ألف عشر ، ولام عشر ، وميم عشر )(1).

ولأن الهداية لن تحدث إلا بفهم المراد من الخطاب كان الأمر بتدبر القرآن لتحقيق المقصود من نزوله (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)[ سورة ص/ 29 ]

ولأن البعض قد لا يتيسر له وجود المصحف بجواره في كل الأوقات ، ولأن الصلاة تتطلب قراءة القرآن كانت فضيلة حفظه .. كله أو بعضه .

إذن فهي منظومة متكاملة من الوسائل التي شرعت ، وندب إليها لتحقيق الهدف العظيم من نزول القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) [ سورة يونس / 57 ]

فكثرة قراءة القرآن، وتعلم أحكام تلاوته ، وترتيله ، وحفظ آياته ، وتدبره ، وقراءته بصوت حسن مسموع وحزين .. كل هذه وسائل لتحقيق الهدف .

معنى ذلك أن أهل القرآن هم أهل الانتفاع به ، والوصول من خلاله إلى الهدف الذي أنزل من أجله .

من هنا ندرك كلام ابن القيم :" أهل القرآن هم العالمون به ، والعاملون بما فيه ، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب ، وأما من حفظه ولم يفهمه ، ولم يعمل بما فيه ، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم "(2)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية " ولا يخفى على أولي الألباب أن المقصود بنزوله اتباعه ، والعمل بما فيه ، إذ العاملون به هم الذين جعلوا من أهله ، وأن المطلوب من تلاوته تدبره ، وفهم معانيه ، لذلك أمر الله بترتيله والترسل فيه ليتجلى أنوار البيان من مشارق تبصرته ، ويتحلى بأثار الإيمان من حقائق تذكرته "(3) .


(1) أخرجه الحاكم في المستدرك ( 2040 ) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، والطبراني في المعجم الكبير ( 8646 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 6017 ) وابن أبي شيبة في المصنف ( 3008 ) والدارمي ( في المسند ( 3315 ) و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 50 ،والفريابي في فضائل القرآن ( 41 ) .

(2) زاد المعاد ( 1 / 338 ) .

(3) قاعدة في فضائل القرآن ص 54 .



بحث عن بحث