شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة(3)

 

 

ما الذي تهدف إليه هذه الأحاديث؟

إن هذه الأحاديث تهدف إلى ربط المسلم بالقرآن الكريم ، ربطا يلزمه التلاوة والتدبر والتحقق والتأثر والتفاعل مع كل ما يدعو إليه القرآن وينادي به ، وأن يكون القرآن هو شغله الشاغل ، وهمه الدائب ، هكذا كان السلف الصالح ، وبذلك صاروا خير أمة أخرجت للناس ، وبهذا أوصوا من بعدهم .

قال عمر بن الخطاب مخاطبا حفظة القرآن وأهله : " يا معشر القراء : ارفعوا رؤوسكم ، فقد وضح لكم الطريق ، فاستبقوا الخيرات ، لا تكونوا عيالا على الناس )(1) .

 وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفطرون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخوضون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون .. "(2) .

وقال الحسن البصري : " إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل ، وجعلتم الليل جملا ، فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله .. وإن من كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار "(3) .

وقال الحسن أيضا :" إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله .. وما تدبر آياته إلا باتباعه ، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده ، حتى إن أحدهم ليقول : لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفا ، وقد والله أسقطه كله ، ما يرى القرآن له في خلق ولا عمل ، حتى إن أحدهم ليقول إني لأقرأ السورة في نَفَس! والله ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة ، متى كانت القراء مثل هذا ؟ لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء "(4) .

هكذا ينبغي أن يكون شأن الأمة مع القرآن ، تراه ــ كما قال الحسن ــ رسائل من ربها ، تتدبره بالليل وتنفذه بالنهار ، وحينئذ يغير الله حالها من سيء إلى حسن ، ومن حسن إلى أحسن منه ، وتحظى بسعادة الدنيا قبل نعيم الآخرة وهذا ما تؤكده هذه الأحاديث.


(1) التبيان للنووي ص 28 .

(2) التبيان للنووي ص 28 .

(3) ألإحياء ( 1 / 500 ).

(4) الزهد ص 274 .

 

 



بحث عن بحث