قصة آدم عليه السلام (7)

 

 

وفاة آدم عليه السلام:

عن أبي بن كعب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما توفي آدم غسلته الملائكة بالماء وترًا، وألحدوا له، وقالوا: هذه سنة آدم في ولده)(1).

  مكان آدم عليه السلام في السماء:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم، ففرج صدري، ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا، فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، قال جبريل عليه السلام لخازن السماء الدنيا: افتح. قال: من هذا؟ قال: هذا جبريل. قال: هل معك أحد؟ قال: نعم، معي محمد صلى الله عليه وسلم، قال: أفأرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح قال: فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، قال: فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى, قال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح: قال: قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا آدم عليه السلام، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله، نسم بنيه. فأهل اليمين أهل الجنة، والأسودة التي على شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى. قال: ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية قال خازنها: افتح. قال: فقال له خازنها: مثل ما قال خازن السماء الدنيا، ففتح...»(2) الحديث.

  استشعار آدم عليه السلام بذنبه يوم القيامة:

من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم! لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله... الحديث )(3).

  إخراج بعث النار:

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم، فقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يا رسول الله، إذا أُخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى منا؟ قال: إن أُمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود)(4)لفظ البخاري.

من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله يا آدم، فقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، قال يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، فاشتد ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل؟ قال: أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفًا ومنكم رجل. ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة. قال: فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة  البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار)(5)لفظ البخاري.

من حديث عمران بن حصين قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتفاوت بين أصحابه في السير، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته بهاتين الآيتين: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج: 1 – 2].

فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عند قول يقوله: فقال: «هل ترون أي يوم ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فذلك يوم ينادي الله فيه آدم فيناديه ربه فيقول: يا آدم ابعث بعث النار. فيقول: أي رب وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة)(6).

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أشد كوكب دري، في السماء إضاءة. لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك ومجامرهم الأُلوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خُلُق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعًا في السماء)(7).

  مكان قبر آدم عليه السلام:

قد جاءت آثار فيها بيان مكان قبره آدم عليه السلام وهي ضعيفة ولا تصح ننبه عليها لضعفها.

- أخرج الدارقطني في " سننه " عن ابن عباس وفيه ( صلى جبريل بالملائكة على آدم ودفن في مسجد الخيف). (8)

- وأخرج أبو الشيخ في " العظمة " عن خالد بن معدان ( أن آدم لما توفي حمله مائة وخمسون رجلا من الهند إلى بيت المقدس ودفنوه بها وجعلوا رأسه عند الصخرة ).

وفيه مجاهيل , وأعظم من هذا أنه من الإسرائيليات .

فخلاصة الكلام : أنه لا يُعلم مكان قبر آدم ، وهذا نقطع به ، ويعتبر أن ادِّعاء قبره في مكان كذا تقوُّل بدون علم (9)

ويستفاد مما سبق:

1- أن على المرء أن يخاف من ذنبه ويحذر منه ويجعل تقصيره وغفلته دافعا له في طلب ستر الله ولزوم التوبة والإنابة.

2- أن قبر آدم عليه السلام لا يعرف حتى نقطع على دعاة الوثنية والغلو.

______________________________

(1)أخرجه الحاكم (2/545)، والطيالسي برقم (2299) (2/82)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وانظر الحديث السابق فهناك مزيد من التخريج.

(2)أخرجه البخاري في صحيحه (1636، 349، 3342)، ومسلم برقم (163)، وأبو عوانة في المسند (1/133)، وأبو يعلى (2535، 3616).

وانظر مزيدًا من تخريج الأحاديث التي جاءت من حديث أنس بن مالك، ومالك بن صعصعة في مواضع مختلفة من هذا الكتاب برقم (362) 363).

(3)أخرجه مسلم برقم (195)، وأبو عوانة (1/174 – 175) مختصرًا، وابن خزيمة في التوحيد ص(245)، والحاكم (4/589).

(4)أخرجه البخاري برقم (6529)، وأحمد في المسند (2/378).

(5)أخرجه البخاري برقم (3348) (4741، 6530، 7483)، ومسلم برقم (222)، وأحمد (3/32، 33).

(6)أخرجه الترمذي برقم (3168)، و(3168)، و(3169)، وأحمد في المسند (4/232، 235)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

(7)أخرجه البخاري (3245، 3246، 3254، 3327)، ومسلم برقم (2834).

(8)وهذا الأثر فيه عبدالرحمن بن مالك بن مغول ، وهو متروك ، كذا قال الدارقطني .

وجاء عند ابن عساكر وابن سعد كما في " الدر المنثور" ( 3 / 334 ) ، إلا أن السند فيه الكلبي ، وهو كذاب ، وأبو صالح ضعيف

وجاء عند أبي الشيخ عن مجاهد أيضاً ، إلا أنه لم يصح إلى مجاهد ؛ لأنه مسلسل بالكذابين.

(9)تنبيه : ذكر صاحب كتاب " المنار " ( 3 / 220 ) أنه رأى في " الهند " ضرائح تُعبد من دون الله ، ومنها : ضريح آدم وزوجه وأمِّه ! مع العلم أنه ليس لآدم عليه السلام أم ، ولكن هكذا الجهل يعمل بأصحابه .

انتهى من كتابه " تحذير المسلمين من الغلو في قبور الصالحين " ( 78 ) .



بحث عن بحث