آداب المسجد

فإذا وصل المسلم المسجد فليضع نعليه في مكان لا يؤذي به إخوانه المصلين ، وليقدم رجله اليمنى عند الدخول للمسجد :

فقد ورد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ، يَقُولُ:( مِنَ السُّنَّةِ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُمْنَى، وَإِذَا خَرَجْتَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُسْرَى) .(1)

وقد بوّبالبخاريالباب السابع والأربعين من كتاب الصلاة بقوله : باب التيمّن في دخول المسجد وغيره، ثم أورد أثراً عنابن عمرفقال :

وكَانَ ابْنُ عُمَرَ: «يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ اليُمْنَى فَإِذَا خَرَجَ بَدَأَ بِرِجْلِهِ اليُسْرَى»(2)ثم ذكر بعده

وعن عَائِشَةَ، قَالَتْ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ )(3)

ومن آداب المسجد : الدعاء عند دخوله وقد ورد فيه عدة روايات منها :

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ، أَوْ أَبَا أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ  افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، فَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ ) (4)

وفي رواية: (اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (5) وورد غيرها .

وعن عبد الله بن عَمرو بن العاص، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه كانَ إذا دخلَ المَسجِدَ قال: ( أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجهِهِ الكريم، وسُلطانِه القديم، من الشَّيطانِ الرَّجيم" قال: أَقَطْ؟ قلتُ: نعم، قال "فإذا قالَ ذلك قالَ الشَّيطانُ: حُفِظَ منِّي سائرَ اليَومِ ) (6)

ويتقدم إلى الصف الأول ويدنو من الإمام - إذا تيسر له بلا مزاحمة - كما دلت على ذلك الأحاديث .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ) لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا( (7)

وعَن أبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي أَصْحَابه تأخراً - وَفِي رِوَايَة الْجريرِي: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما فِي مُؤخر الْمَسْجِد، فَقَالَ لَهُم: ( تقدمُوا فأئتموا بِي، وليأتم بكم من بعدكم، لَا يزَال قومٌ يتأخرون حَتَّى يؤخرهم الله ). (8)

ويلاحظ أن بعض المصلين إذا دخل المسجد لا يتجه إلى الصف الأول مع وجود مكان فيه وهذا خلاف ما عليه الصحابة رضوان الله عليهم .

ومما يسن أن يلي الإمام أهل الفضل والعلم ،والسن ، وينبغي لهم أن يتقدموا ويسبقوا غيرهم إلى الصف الأول وأن يكونوا أسوة لغيرهم .

عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: ( اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: «فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا ) .(9)


(1) أخرجه الحاكم ( ح 791 ) وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ، وأخرجه البيهقي (ح 4322) ،وأنظر الصحيحة (ح 2478 ) .

(2) ذكر البخاري أثر ابن عمر في كتاب الصلاة فِي بَابِ التيمن في دخول المسجد ( 1 / 93 ) ثم أورد حديث عائشة (التالي) .

(3) أخرجه البخاري واللفظ له ( ح 426 ) كتاب الصلاة ، باب التيمن في دخول المسجد وغيره ، (5854 ) باب يبدأ بالنعل اليمنى وفي مواضع أخرى في صحيحه ، ومسلم  ( ح 268 ) .

(4) أخرجه مسلم (ح 713 ) ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، وأبو داود واللفظ له ( ح 465 )،كتاب الصلاة ، باب مايقوله الرجل عند دخوله المسجد ،وابن حبان (ح 2048 ، 2049 )، والنسائي في الكبرى ( ح 810 ، 9934 ) ،والدارمي (ح 1434 ،2733 ) ، وابن ماجة ( ح 772 ) ، والبيهقي في الكبرى ( ح 4386 ،4387 ،4388 ، 4389 ) ،ولفظ (السلام عليه)r عند الدخول لم يرد في رواية مسلم وهو (أي السلام ) في رواية أبي داود والنَّسائي وابن ماجه؛ وغيرهم بأسانيد صحيحة، كما أفاده الإمام النوويّ في «الأذكار» باب: ما يقوله عند دخول المسجد والخروج منه. ... وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله في «جلاء الأفهام» : الموطن الثامن من مواطن الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: عند دخول المسجد وعند الخروج منه، لما روى ابن خزيمة في صحيحه وأبو حاتم بن حِبان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتْكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَليُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ» . اهـ. انظر: «جلاء الأفهام» لابن القيم ص378. وقد جاء لفظ (السلام ) عند الدخول للمسجد من عدة طرق ولذا قال البيهقي : ( ولفظ التسليم فيه محفوظ ) .الكبرى (ح 4318 ).

(5) ابن ماجه (773) قال الحافظ: في الجملة هو حسن لشواهده(نتائج الأفكار ) (1/ 277) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه .

(6) رواه أبو داود (ح466) في الصلاة، باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد، والحافظ في نتائج الأفكار (1/ 281)، قال الحافظ: هذا حديث حسن غريب، ورجاله موثقون، وهم من رجال الصحيح، إلَّا إسماعيل، وعقبة.وإسماعيل هو : إسماعيل بن بشر، صدوق. (التقريب ص 106) ، وعقبة بن مسلم، ثقة. (التقريب ص 395).

(7) أخرجه البخاري في كتاب الآذان ،باب الإستهام في الآذان ( ح 615 ) ، وفي باب فضل التهجير إلى الظهر (ح 653) ، وفي كتاب الشهادات ، باب القرعة في المشكلات ،( ح 2689 ) ، ومسلم ،كتاب الصلاة ( ح 437 ) .

(8) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة ( ح 438 ).

(9) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة  (ح 432 ) .



بحث عن بحث