الجامع الصحيح للإمام البخاري(9-20)

 

 

منهجه في تكرار الحديث وأسبابه  :

 عرف عن البخاري تكرار الحديث في صحيحه ، لكن قلما يورد حديثاً في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد .

و ذكر ابن حجر  عن بعض الشراح  أنه وقع في أثناء الحج في بعض النسخ بعد باب ( قصر الخطبة بعرفة ) باب (تعجيل الوقوف) .

قال أبو عبد الله : يزاد في هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكني لا أريد أن أدخل فيه معاداً انتهى

قال ابن حجر : وهو يقتضي أنه لا يتعمد أن يخرج في كتابه حديثا معادا بجميع إسناده ومتنه وإن كان قد وقع له من ذلك شيء فعن غير قصد وهو قليل جدا

 

 

أسباب تكرار الحديث :

1- رفع الغرابة ، يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حد الغرابة .

2- إزالة الشبهة عن الرواة ، كأن يخرج أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقليه .

3- بيان اختلاف الرواة ، أن الرواة ربما اختلفت عباراتهم فحدث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى وحدث به آخر فعبر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل يسير بابا مفردا .

4- دفع الإعلال الحديث ، أحياناً يروي  أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال ورجح عنده الوصل فاعتمده وأورد الإرسال منبها على أنه لا تأثير له عنده في الوصل

5- ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك .

6- ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلا في الإسناد ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهين حيث يصح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر ثم لقي الآخر فحدثه به فكان يرويه على الوجهين

7- بيان التصريح بالسماع ، ربما أورد حديثا عنعنه راويه فيورده من طريق أخرى مصرحا فيها بالسماع على ما عرف من طريقته في اشتراط ثبوت اللقاء في المعنعن (1)  .

 

منهجه في تقطيع الحديث :

كان من طريقة الإمام البخاري أن يقطع الحديث الواحد في مواضع من " صحيحه" ولا  يسوقه بتمامه ، ولهذا أسباب عديدة من أهمها :

1- اشتماله على أكثر من حكم ، قد يكون المتن قصيرا أو مرتبطا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمين فصاعدا فإنه يعيده بحسب ذلك مراعيا مع ذلك عدم إخلائه من فائدة حديثية وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ، ويستفاد من ذلك تكثير الطرق .

2- ضيق مخرج الحديث ، فإن كان الحديث له طريق واحد وقد اشتمل على حكمين فصاعداً أورده مرة  موصولاً و أخرى معلقاً .

3- أن يكون المتن مشتملاً على جمل متعددة ، لا تعلق لأحدها بالأخرى  فإنه يخرج كل جملة في باب مستقل فراراً من التطويل ، وربما نشط فساقه بتمامه .

والتي ذكرها في موضعين سنداً ومتنا معاداً ثلاثة وعشرون حديثاً .

وأما اقتصاره على بعض المتن من غير أن يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفا على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي حكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه .

وأما اقتصاره على بعض المتن ثم لا يذكر الباقي في موضع آخر فإنه لا يقع له ذلك في الغالب إلا حيث يكون المحذوف موقوفاً على الصحابي وفيه شيء قد يحكم برفعه فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه كما وقع له في حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : ( إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون ) .

هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف أوله ( جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال : أني أعتقت عبداً لي سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا فقال عبد الله : إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون فأنت ولي نعمته فلك ميراثه فإن تأثمت وتحرجت في شئ فنحن نقبله منك ونجعله في بيت المال ).

فاقتصر البخاري على ما يعطي حكم الرفع من هذا الحديث الموقوف وهو قوله : ( إن أهل الإسلام لايسبون ) لأنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الحكم واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس وإذا تقرر ذلك اتضح أنه لا يعيد إلا لفائدة  (2) .

 


 (1)  ــ انظر : هدي الساري ( 1 / 26 ، 27 ) .

 (2)  ــ انظر : هدي الساري ( 1 / 27 ــ 28 ).

 



بحث عن بحث