* العامل الرابع:

نشاط أمهات المؤمنين في حفظ السنة، وتبليغها، لاسيما ما يتصل بأمر النساء، وقد اشتهرت عائشة – رضي الله تعالى عنها – من بين أمهات المؤمنين بعلمها الغزير، وحرصها على فهم الأحكام، حتى كانت – بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى – محط أنظار طلاب العلم، ومرجعهم في كثير من أمور دينهم.

* العامل الخامس:

ولاته وبعوثه إلى القبائل المسلمة لتبليغها الدعوة، وتعليمها إياها: فقد كانت القبيلة إذا أسلمت تطلب منه صلى الله عليه وسلم من يعلمها ويفقهها، ويقضي بينها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث واحداً أو أكثر من الصحابة يتوسم فيه الفقه، والحكمة ليقوم بهذا الدور، وكان كثيرا ما يوصى هؤلاء بالتيسير، والتبشير، والرفق بالناس.

جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما بعث أبا موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل إلى اليمن، وصاهما قائلا: (ادعوا الناس، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا)(1).

وكذلك كان يعلمهم كيفية الدعوة، إذ يقول لمعاذ – لما أرسله إلى اليمن -: (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم:أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم: أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك: فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)(2).

وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يشجع هؤلاء، ويدعو لهم بالتثبيت، والنجاح في مهمتهم.

جاء عن علي – رضي الله تعالى عنه – قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله، إنك تبعثني إلى قوم هم أسن مني لأقضى بينهم، قال: إذهب، فإن الله تعالى سيثبت لسانك، ويهدي قلبك)(3).

* العامل السادس:

رسله وكتبه إلى الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل المجاورين يدعوهم إلى الإسلام، إذ بعد صلح الحديبية بدأ صلى الله عليه وسلم يوجه رسله، يحملون كتبه إلى الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل المجاورين يطالبهم فيها بالدخول في الإسلام، حتى انطلق في يوم واحد ستة نفر إلى جهات مختلفة، كل منهم يتكلم بلغة ولهجة القوم الذي بعث إليهم، لقد أرسل صلى الله عليه وسلم رسله إلى قيصر الروم، وإلى أمير   بصري، وإلى الحارث ابن أبي شمر أمين دمشق من قبل هرقل، وإلى المقوقس أمير مصر من قبل هرقل، وإلى النجاشي ملك الحبشة، وإلى كسرى ملك الفرس، وإلى المنذر بن ساوي ملك البحرين، كما أرسل رسله وكتبه إلى عمان، واليمامة  وغيرها.

وكان هؤلاء الرسل يجيبون عما يسألهم عنه الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل، ويبينون لهم الإسلام، وأهدافه، وغاياته على ضوء ما زودهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من التوجيه والإرشاد. وكانت هذه الإجابة يسمعها الحاضرون، ويخرجون فينشروها في الناس. فتذاع وتشتهر.


 

(1)     الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب المغازي: باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع 5/204 -206، وكتاب الأحكام: باب أمر الوالي إذا وجه أميرين 9/87-88. ومسلم في الصحيح:كتاب الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر 3/1568-1587 رقم 70-71، وكتاب الجهاد والسير: باب في الأمر بالتيسير وترك النفير 3/1358-1359 رقم 6، 7، 8.
(2)     الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، وباب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة 2/130، 147، وكتاب التوحيد: باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى 9/140، وكتاب المغازي: باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع 5/205-206.

     ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين، وشرائع الإسلام 1/50-51 رقم 29، 30، 31.
(3)     الحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الأقضية: باب كيف القضاء 2/270. وابن ماجه في السنن: كتاب الأحكام: باب ذكر القضاة 2/774 رقم 2310.  وأحمد في المسند 1/88، 136، 149، 156 كلهم من حديث على مرفوعا به.



بحث عن بحث