1-           إرشاد السائل إلى ما ينبغي أن يسأل عنه، بجوابه بما لا يتفق مع  السؤال.

عن أنس – رضي الله تعالى عنه – (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فحذر الناس، فقام رجل، فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ فبسر(1) رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه،فقلنا له: اقعد، فإنك قد سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما يكره، قال: ثم قام الثانية، فقال: يا رسول الله: متى الساعة؟ قال: فبسر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه أشد من الأولى، فأجلسناه، قال: ثم قام الثالثة، فقال يا رسول الله: متى الساعة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك: ما أعددت لها؟ قال: أعددت لها حب الله ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس فإنك مع من أحببت)(1).

فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا لم يجبه عن موعد الساعة، لأن ذلك غيب، وإنما لفت نظره إلى أنه ينبغي أن يسأل عما ينجي من أهوال الساعة، فذلك هو ما يجب أن يهتم به العقلاء جميعا.

2-     إجابة السائل عما سأل، وزيادة أمور أخرى لها صلة بسؤاله، يستعرض له في المستقبل وربما تعطله، فيجيبه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كله توفيرا لجهده ووقته.

فقد جاء عن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً سأله ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا السراويل ولا البرنس(3)، ولا ثوبا مسه الورس(4) أو الزعفران فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين(5).

3-    دوام الجلوس مع أصحابه – صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم – لاسيما الفقراء والمساكين، وهذا وحده كاف في التربية والتعليم.

فقد قال الله عز وجل لنبيه: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...) [ سورة الكهف /28 ] .

ذلكم هو منهجه صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم،وقد أثمر ذلك حفظا وصيانة لكل ما يتصل بحياته صلى الله عليه وسلم من الأقوال، والأفعال، والتقريرات، والصفات ونحوها.


 

(1)      فبسر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه أي: قطب، وعبس في وجهه انظر النهاية في غريب الحديث 1/78.
(2)     الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب عمر بن الخطاب 5/14-15، وكتاب الأدب : باب علامة حب الله عز وجل 8/49، وكتاب الأحكام: باب القضاء والفتيا في الطريق 9/80-81. ومسلم في الصحيح: كتاب البر والصلة والآداب: باب المرء مع من أحب 4/2032-2033 رقم 161-163.
(3)     البرنس: هو كل ثوب رأسه منه ملتصق به من دراعة أو جبة أو غيرهما وقيل هو: قلنسوة أو طاقية طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام.  انظر: النهاية في غريب الحديث 1/75.
(4)     الورس : هو نبت أصفر يصبغ به، انظر:  النهاية  4/204.
(5)     الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب العلم: باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله 1/45، وكتاب الصلاة: باب الصلاة في القميص، والسراويل،والتبان، والقباء 1/102، وكتاب الحج: باب ما لا يلبس المحرم من الثياب 2/168-169، وكتاب اللباس: باب لبس القميص، وباب البرانس، وباب السراويل، وباب العمائم 7/184، 186-187. ومسلم في الصحيح: كتاب الحج: باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح 2/834-835 رقم 1، 2.



بحث عن بحث