المستشرقون والسنة النبوية(3-6)

 

ماذا تقتضي الموضوعية في البحث:

وإذا كان هؤلاء المستشرقون صادقين في ادعائهم الموضوعية والحيدة فيما يكتبون، فنحن نطلب منهم أن يلتزموا بأوليات بديهية يتطلبها المنهج العلمي السليم فعندما أرفض وجهة نظر معينة لابد أن أبين للقارئ أولاً وجهة النظر هذه من خلال فهم أصحابها لها ثم لي بعد ذلك أن أوافقها أو أخالفها .

وعلى هذا الأساس نقول عندما يكتب عن الإسلام ينبغي أن أقرر : أن الكيان الإسلامي كله يقوم على أساس الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي تلقى القرآن وحياً من عند الله .

ويجب على العالم النزيه والمؤرخ المحايد أن يقول ذلك لقرائه عندما يتعرض للحديث عن الإسلام حتى يستطيع القارئ أن يفهم سر قوة هذا الإيمان في تاريخ المسلمين(1)  ، ثم له بعد ذلك أن يخالف المسلمين في معتقداتهم وتصوراتهم أو يوافقهم.

غير أن هذا المنهج المنطقي والطبيعي قلما يتبع مع الأسف، ويتبعون بدلاً منه منهجهم القائم على ما يلي :

1- تحليل الإسلام ودراسته بعقلية أوروبية، فهم حكموا على الإسلام معتمدين على القيم والمقاييس الغربية المستمدة من الفهم القاصر والمحدود

 

والمغلوط الذي يجهل حقيقة الإسلام (2) .

2- تبييت فكرة مسبقة ثم اللجوء إلى النصوص واصطيادها لإثبات تلك الفكرة واستبعاد ما يخالفها، وذلك منهج معكوس وليد الهوى .

3- اعتمادهم على الضعيف والشاذ من الأخبار،وغض الطرف عما هو صحيح وثابت منها (3) .

4- تحريف النصوص، ونقلها نقلاً مشوهاً، وعرضها عرضاً مبتوراً (4) ، وإساءة فهم ما لا يجدون سبيلاً لتحريفه (5)  .

5- غربتهم عن العربية والإسلام منحتهم عدم الدقة والفكر المستوعب في البحث الموضوعي، حتى ولو اختص أحدهم بأمر واحد من أمور الإسلام طيلة حياته(6)  .

6- تحكمهم في المصادر التي ينقلون منها، فهم ينقلون مثلاً من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث، ومن كتب التاريخ ما يحكمون به في تاريخ الفقه ، ويصححون ما ينقله (الدميري) في كتاب "الحيوان" ويكذبون ما يرويه "مالك" في "الموطأ" كل ذلك انسياقاً مع الهوى، وانحرافاً عن الحق(7) .

7- إبراز الجوانب الضعيفة، والمعقدة، والمتضاربة، كالخلاف بين الفرق، وإحياء الشبه، وكل ما يفرق، وإخفاء الجوانب الإيجابية والصحيحة وتجاهلها(8)  .

8- الاستنتاجات الخاطئة والوهمية وليدة التعصب، وجعلها أحكاماً ثابتة يؤكدها أحدهم المرة تلو المرة، ويجتمعون عليها حتى تكاد تكون يقيناً عندهم (9)  .

9- النظرة العقلية المادية البحتة التي تعجز عن التعامل مع الحقائق الروحية(10) .

10- تفسير سلوك المسلمين، أفراداً وجماعات بأنه مدفوع بأغراض شخصية، ونوازع نفسية دنيوية، وليس أثراً لدافع ابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة (11)  .

وهذا المنهج في دراسة الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم وأمته وتاريخهم المجيد سيبدو واضحاً في وسائلهم للكيد للسنة النبوية المطهرة .


(1)  ــ نقد كتاب فييت (مجد الإسلام) للدكتور حسين مؤنس ملحق بكتاب الفكر الإسلامى الحديث وصلته بالاستعمار ص 459 : 463، وانظر : الاستشراق للدكتور زقزوق ص 95.

(2) ــ السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 188، والاستشراق والمستشرقون للدكتور السباعى ص 49، ومناهج المستشرقين فى الدراسات العربية والإسلامية لجماعة من العلماء ص364، والإسلام والمستشرقون لنخبة من العلماء ص 191، والاستشراق والمستشرقون وجهة نظر للأستاذ عدنان محمد وزان ص 124.

(3)  ــ انظر : السنة ومكانتها فى التشريع ص 188، والاستشراق والمستشرقون للدكتور السباعى ص43، والإسلام والمستشرقون لنخبة من العلماء ص 251.

(4)  ــ انظر : الإسلام والمستشرقون ص 248.

(5)  ــ السنة ومكانتها فى التشريع ص 188، والاستشراق والمستشرقون وجهة نظر ص 130.

(6)  ــ انظر : الرسول صلى الله عليه وسلم . فى كتابات المستشرقين للأستاذ نذير حمدان ص 16.

(7)  ــ انظر : السنة ومكانتها فى التشريع ص 188-189.

(8)  ـــ الإسلام والمستشرقون لنخبة من العلماء ص 241.

(9)  ـــ المصدر السابق ص 247.

(10)  ـــ انظر : الرسول صلى الله عليه وسلم . فى كتابات المستشرقين ص 16.

(11)  ــ انظر : أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها للأستاذ عبد الرحمن الميدانى ص147، 148.

 



بحث عن بحث