والشاطبي يرد أيضاً على أعداء السنة

 

 

       من الذين دافعوا عن السنة وردوا على أعدائها خاصة الذين يردون الأخبار مقتصرين على الكتاب الكريم الإمام الشاطبي، وذلك في كتابه القيم (الموافقات) , وقد قال فيهم: ((الاقتصار على كتاب رأي قوم لا خلاق لهم, خارجين على السنة , إذ عولوا على ما بنيت عليه من أن الكتاب فيه بيان كل شيء , فاطرحوا أحكام السنة , فأداهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة, وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله)) (1).

       والشاطبي –رحمه الله – أدرك الغاية التي يرمي إليها هؤلاء , فقد ساق الشاطبي عدة آثار عن السلف تحث على مواجهة الذين يجادلون في القرآن بالسنة، كقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-:( سيأتي قوم يجادلونك بشبهات القرآن , فخذوهم بالأحاديث, فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله).

       وقول أبو الدرداء - رضي الله عنه-: (إن مما أخشى عليكم زلة العالم، وجدل المنافق بالقرآن), وقول ابن مسعود - رضي الله عنه-:(ستجدون أقوماً يدعونكم إلى كتاب الله, وقد نبذوه وراء ظهورهم فعليكم بالعلم, وإياكم والتبدع, وإياكم والتنطع, وعليكم بالعتيق) (2).

 

      وقد ذكر الشاطبي أنَّ العلماء يسوقون هذه النصوص, ويحملونها على تأويل القرآن بالرأي، مع طرح السنن, ثم حدد الذي يرمي إليه النابذون للسنة فقال:(إن كثير من أهل البدع اطرحوا الأحاديث، وتأولوا كتاب الله على غير تأويله، فضلوا وأضلوا), فهدفهم ليس تعظيم كتاب الله, بل التلاعب بكتاب الله.

       ولما كانت السنة سياجاً يحمي القرآن من التلاعب به, وجهوا جهودهم لنبذها, ليتم لهم حمل القرآن على آرائهم الفاسدة من غير نكير, والذين يكون مقصدهم حسناً ويظنون صادقين مع أنفسهم أنهم بنبذهم السنة يعظمون الكتاب مخطئون, فهذا الطريق يؤدي إلى الجهل بالكتاب وطرحه.

       يقول الشاطبي - رحمه الله تعالى-:(السنة توضح المجمل, وتقيد المطلق, وتخصص العموم , فتخرج كثيراً من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة, فإذا طرحت واتبع ظاهر الصيغ بمجرد الهوى صار هذا النظر ضالاً في نظره، جاهلاً بالكتاب, خابطاً في عمياء , لا يهتدي إلى الصواب فيها, إذ ليس للعقول من إدراك المنافع والمضار في التصرفات الدنيوية إلا النزر اليسير, وهي في الأخروية أبعد على الجملة والتفصيل) (3).

 

 

 


(1)  انظر: الموافقات/ 3/11.

(2) انظر: الموافقات 3/12.

(3) انظر: الموافقات 3/14.

 

 

 

 

 



بحث عن بحث