شبهة عرض السنة على العقل والرد عليها(1)

 

مدخل:

لم يكتف أهل الزيغ والهوى بعرض السنة المطهرة على القرآن الكريم للحكم عليها قبولاً أو رفضًا، وإنما سلكوا مسلكًا آخر في الحكم عليها والتشكيك فيها بعرضها على العقل (الصريح) ، فما وافقه قبل ولو كان آحادًا - صح أو لم يصح -  وما لم يوافقه - حتى ولو مع إمكان التأويل - ردوه ولو كان متواترًا صحيحًا.

وهذا المسلك والمنهج: عرض السنة على العقل بالمفهوم السابق من أصول أهل الكفر والبدع والأهواء كما حكاه عنهم الأئمة: ابن قيم الجوزية، وابن أبي العز، وابن قتيبة، والشاطبي.

يقول ابن قيم الجوزية: " وبالجملة فمعارضة أمر الرسل أو خبرهم بالمعقولات إنما هي طريقة الكفار"(1) .

ويقول ابن أبي العز:" كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته، وما ظنه معقولاً، فما وافقه قال: إنه محكم، وقبله، واحتج به، وما خالفه قال: إنه متشابه، ثم رده، وسمى رده تقويضًا، أو حرفه وسمى تحريفه تأويلاً (2) .

ويقول الشاطبي في باب (مأخذ أهل البدع بالاستدلال) : "ردهم للأحاديث التي جرت غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم ويدعون أنها مخالفة للعقول، وغير جارية على مقتضى الدليل، فيجب ردها، ولما ردوها بتحكم العقول كان الكلام معهم راجعًا إلى أصل التحسين والتقبيح العقليين، فإن محصول مذهبهم تحكيم عقول الرجال دون الشرع، وهو أصل من الأصول التي بنى عليها أهل الابتداع في الدين، بحيث إن الشرع إن وافق آراءهم قبلوه، وإلا ردوه(3) .


(1) مختصر الصواعق المرسلة 1 / 121 .

(2) شرح العقيدة الطحاوية 2 / 80 .

(3) الاعتصام 1/ 186،187- 2/589 .



بحث عن بحث