شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (5)

 

 

 

كلام العلماء حول هذا الحديث:

لقد تكلم العلماء عن هذا الحديث كلامًا يستلزم أن يكون من أشد الموضوعات أو الضعيف المردود ونختار من أقوالهم ما يأتي :

قال الإمام الشافعي : " ما روي هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر .. وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء"(1) .

ويعلق الأستاذ أحمد شاكر في تحقيقه لكتاب الرسالة على هذا الحديث فيقول: "هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة، كلها موضوع، أو بالغ الغاية في الضعف، حتى لا يصلح شيء منها للاحتجاج أو الاستشهاد" (2).

وقد كتب الإمام ابن حزم في هذا المعنى فصلا نفيسا جدا في كتابه (الإحكام ) روى فيه بعض ألفاظ هذا الحديث المكذوب ، وأبان عن عللها فشفى ، فأثبت أن منها : ما هو متهم بالزندقة ، أو كذاب ساقط لا يؤخذ بحديثه ، أو مجهول ، أو ضعيف ، ومنها ما هو مرسل ، ومنها ما جمع بينهما .

ثم قال :" أول ما نعرض على القرآن الحديث الذي ذكرتموه ، فلما عرضناه وجدنا القرآن يخالفه ، قال الله تعالى :( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)[ سورة الحشر / 7 ] ، وقال تعالى :( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ )[ سورة النساء / 80 ] وقال تعالى :( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ) [ سورة النساء / 105 ]

وقال الإمام البيهقي :" والحديث الذي روي في عرض الحديث على القرآن باطل لا يصح ، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان ، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن"(3) .

 وقال الإمام بن عبد البر: " وقد أمر الله عزَّ وجلَّ بطاعته واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً لم يقيد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل وافق كتاب الله كما قال بعض أهل الزيغ، قال عبد الرحمن بن مهدي : الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث ... وهذه الألفاظ لاتصح عنه صلى الله عليه وسلم . عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم، وقالوا : نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله قبل كل شيء، ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله وجدناه معارضا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله ألا يقبل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به ، والأمر بطاعته ، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال " (4)

وقال فضيلة الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف معقبًا على تقوية ابن عراق للحديث(5)، تبعًا للسيوطي(6): "الحديث باطل منكر جدًا، كما قال العقيلي وغيره، ومحاولة المؤلف تبعًا للسيوطي تقويته غلط، فإن الحديث من وضع بعض الزنادقة للتلاعب بالسنة، وغفل السيوطي، ثم المؤلف _ رحمهما الله _ عن هذا المقصد الخبيث"(7) .


(1) الرسالة ص225 .

(2) الرسالة ص 224 .

(3) دلائل النبوة 1 / 27 .

(4) جامع بيان العلم وفضله 2 / 190 ، 191 .

(5) تنزيه الشريعة ( 1/ 157 ، 158 )

(6) الللآلئ المصنوعة ( 1 / 195 ) .، والنكت البديعات على الموضوعات رقم 23 .

(7)  تنزيه الشريعة ، هامش ( 1 / 265 ).

 



بحث عن بحث