شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها (1)

 

مقدمة:

إن أعداء السنة المطهرة بعد أن تحايلوا على بعض آيات من القرآن الكريم ليحوروا معانيها، ويستدلوا بهذا التحوير على عدم الاحتجاج بالسنة النبوية ــ كما ذكرنا فيما سبق ــ نجدهم هنا باسم السنة ونصوصها يستشهدون بها أيضًا على إنكار حجيتها، ويتظاهرون بحرصهم على السنة، بل هم بإنكارهم حجيتها أشد حرصًا على السنة من المؤمنين بحجيتها(1).

وهكذا عكس المشاغبون القضية ، ونظروا في السنة النبوية المطهرة، فما وافق دعواهم منها قبلوه ، واعترضوا به على منازعيهم واحتجوا به مع وضعه أو ضعفه سندًا ودلالة، وهذا العمل مع جهالته أخطر منطق عكسي في التدليل على فساد الشيء بمادته، نصًّا وأسلوبًا ؛ لأنه إذا كان من الخطأ والخطل والخطر قبول الأحاديث الباطلة والموضوعة، وعزوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ، فمثله في البطلان رد الأحاديث الصحاح الثابتة بالهوى والعجب والتعالم على الله ورسوله، وسوء الظن بالأمة وعلمائها وأئمتها في أفضل أجيالها ، وخير قرونها .

إن قبول الأحاديث المكذوبة يدخل في الدين ما ليس منه ، أما رد الأحاديث الصحيحة، فيخرج من الدين ما هو منه ، ولا ريب أن كليهما مرفوض مذموم: قبول الباطل ورد الحق 

ولأعداء السنة المطهرة شبهات على عدم حجية السنة بنوها على أحاديث مكذوبة، وضعيفة، وأخرى صحيحة مع ضعف دلالتها على ما احتجوا به . وسوف نذكر تلك الشبهات تباعا في هذه الحلقات مع دحضها والرد عليها.

أولا : أحاديث عرض السنة على القرآن .

1 ــ ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه السلام ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ، فخطب الناس فقال : ( إن الحديث سيفشوا عني ، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني ، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني ) .

2 ــ قوله صلى الله عليه وسلم ( إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه ) وفي رواية ( لا يمسكن الناس علي بشيء فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله ، ولا أحرم إلا ما حرم الله )

3 ــ ومن ذلك أن بعض الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ سأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل يجب الوضوء من القيء ؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم :( لو كان واجبا لوجدته في كتاب الله تعالى ).

4 ــ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :( السنة سنتان : سنة في فريضة وسنة في غير فريضة ، السنة التي في الفريضة أصلها في كتاب الله ، أخذها هدى وتركها ضلالة ، والسنة التي ليس لها أصل في كتاب الله ، الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة ).



(1) انظر : السنة ودورها في الفقه الجديد لجمال البنا ص 267 فقد قال في خاتمة الكتاب ( نحن أحرص على السنة منكم )



بحث عن بحث