rتاريخ الكلام في الرواة :

كان الكلام في الرجال وبيان أحوالهم قبل التأليف فيه، يتناقل مشافهة يتلقاه العلماء بعضهم عن بعض. وظهر علم الرجال نتيجة لتطور استعمال الإسناد وانتشاره وكثرة السؤال عنه، وكلما تقادم الزمن كثرت الوسائط في الأسانيد وطالت، فاحتيج إلى بيان أحوال تلك الوسائط والتمييز بينها ولا سيما مع ظهور البدع والأهواء وكثرة أصحابها، ولذلك نشأ علم الرجال الذي هو ميزة لهذه الأمة على سائر الأمم، وقد جاء التأليف فيه متأخرا عن تدوين الحديث.

  • قال الذهبي: أول من زكّى وجرح عند انقراض عصر الصحابة: الشعبي (ت103)، وابن سيرين (110) ونحوهما، وحفظ عنهم توثيق أناس وتضعيف آخرين.. فلما كان عند انقراض عامّة التابعين في حدود الخمسين ومائة، تكلم طائفة من الجهابذة في التوثيق والتضعيف، كالأعمش (ت148)، وشعبة (ت160)، ومالك (ت179).

ولم تظهر كتب الرجال إلا بعد منتصف القرن الثاني الهجري، ومن أول الكتب المؤلفة في الرجال التاريخ تأليف الليث بن سعد (ت175)، والتاريخ للإمام عبد الله بن المبارك (ت181)، ثم تتابع التأليف في ذلك.

فاحتوت المكتبة الحديثية على علم عظيم وهو ما عرف بعلم الرواة أو الرجال تاريخًا وحكمًا، وزخر هذا العلم بمؤلفات كثيرة وعظيمة، ودونت أقوال الأئمة وضبطت ضبطًا لا يجاري مما يجعل أي راو لم يدون عنه شيء أنه لا يعرف له اشتغال بالحديث والرواية، وبهذا جاءت السنة النبوية محفوظة بأسانيدها مما حيّر الأعداء قديمًا وحديثًا النيل الحقيقي منها، وجميع محاولتهم 



بحث عن بحث