8- وأختم هذه المجالات بأنه عند التعارض بين ظاهر النص النبوي وبين العقل، ولم يصل الباحث إلى نتيجة واضحة مبررة بأدلتها وقرائنها فالحكم لظاهر النص وليس للعقل، لأن المسلم مأمور بالتسليم إذا ثبتت صحة النص، ولم يتعارض مع القطعيات.

وهذا يعني أن العقل لم يدرك ما في النص. ولهذا أمثلة حيّرت بعض النصوص بعض الباحثين، بل أصبحوا يلمزون السنة بها ثم مع مزيد البحث العلمي ثبت بالتجربة صحة النص، وهذا كحديث الذباب وغيرهما أصبح مستفيضًا مشهورًا.

¡¡¡

مما سبق تلخص لدينا أن العلاقة بين السنة والعقل علاقة صحيحة، ولا تعارض بين السنة الصحيحة، والعقل السليم، وأن الأصل في التشريع هو القرآن الكريم والسنة النبوية، وأن العقل يجب إعماله في الحدود والضوابط التي سبق بيانها، وعند التعارض يقوم ظاهر النص على ما يظن أنه مخالف للعقل.

¡¡¡

وهذه الخلاصة تقودنا إلى أن نوضح بإيجاز المناهج التي تخالفها ومن أهمها:

1- المنهج الأول: منهج تحكيم العقل بإطلاق. وهذا المنهج أعطى العقل أكبر من حجمه، وانتهى إلى تحكيمه على النصوص وإلغائها إذا تعارضت معه، وهذا ما ذهب إليه بعض المعتزلة فقالوا: بأصل التحسين والتقبيح العقليين بمعنى أن الحسن ما رآه العقل حسنًا، وأن القبيح ما رآه العقل قبيحًا، ووافقهم في ذلك - أي تقديم العقل على النصوص - الرافضة، ومن ينسبون إلى المذهب العقلي الحديث. أو ما يسمون العقلانيين، وهذا أدَّى بهم إلى إبطال كثير من السنة النبوية وردها ولو كان مجمعًا على صحتها فضلوا وأضلوا، وسيأتي تفصيل لذلك في آخر البحث إن شاء الله تعالى.

2- المنهج الثاني: إلغاء وظيفة العقل وعدم إعماله، والأخذ بظواهر النصوص مطلقًا ولو كانت ضعيفة أو موضوعة، ... وبخاصة مع بعض الغيبيات التي لم تثبت، فوقعوا في طرق مظلمة بعيدة عن الهدي النبوي، بل وعن النظرة العقلية، ونحى هذا المنحى غلاة الصوفية.

ويتفرع عن هذين المنهجين مناهج متفرعة أخرى ليس هذا مجالها.



بحث عن بحث