القاعدة السادسة عشرة

ذكر الله أعظم زاد في الحياة

أنواع الذكر
 

من أهم قواعد مسيرة الحياة، ومن أهم العبادات، بل هو مقصودها: ذكر الله تعالى قولاً واعتقادًا وعملاً.

وذكر الله تعالى ثلاثة أقسام: عملي وهو جميع الطاعات العملية، وقولي وهو أنواع، ومنه: قراءة القرآن، والأذكار المطلقة والمقيدة، والدعاء وكل لفظ خير، واعتقادي وهو العبادات القلبية والتأمل والتفكر في مخلوقات الله تعالى.

وقد سبقت الأعمال الصالحة في قاعدة سابقة، ولكن أفرد الذكر الاعتقادي والقولي لأهميته وخصوصيته ولعظم أثره، وسترى ذلك من خلال هذه الأسطر.

يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ .

 ويقول أيضًا: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ .

ويقول عليه الصلاة والسلام: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت» .

ويقول صلى الله عليه وسلم  في الحديث القدسي: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .

وبالمقابل يقول تبارك وتعالى للذين يعرضون عن ذكر الله تعالى، ويشغلون أوقاتهم وأعمارهم باللهو واللعب والشهوات، ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىﯿقَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا  ﰈ  قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾.

من عواقب الإعراض
 
 
 

والإعراض عن ذكر الله تعالى، يعني تركه وإبداله بالمنكرات والمعاصي، كما يعني صدّ الناس عن سبل الخير والطاعات، وحساب هؤلاء المعرضين عسير وأليم عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وهي ضنك في العيش في الحياة الدنيا، وهذا الضنك يشمل القلق والاضطراب والخوف والاكتئاب، كما أنه يشمل النفس الجامحة التي لا تشبع، والأحلام التي لا تنتهي، وإن بدا على صاحبه أحيانًا مظاهر النعمة أو السعادة، إلا أنها في الحقيقة هي من أسباب الشقاء والضلال في الحياة الدنيا، وجميعها ثمار هذا الإعراض والابتعاد عن دين الله تعالى وعن رحاب الإيمان والعقيدة.

عقوبة المعرضين عن ذكر الله في الآخرة
 

وأما العقوبة الأخرى التي تتبع الحياة الدنيا فهي في الآخرة، فهي جمعهم في زمرة العصاة والمكذبين عميانًا لا يبصرون، ويأتيهم العذاب من كل جانب، حتى إذا أرادوا أن يسألوا ربهم عن سبب هذا العمي وأنهم كانوا في الحياة الدنيا مبصرين، جاءهم الردّ الذي يجلي لهم الحقيقة، وهو تذكيرهم بحالهم في الحياة الدنيا، وإعراضهم عن رسل الله ودعاته ومحاربتهم لهم، واتباعهم أهواءهم وشهواتهم، فكانت النتيجة هذه الحال الرهيبة التي يعيشونها بين يدي الله تعالى يوم الحساب وهي العمى الذي يتبعه العذاب والعقاب.

r   من أنواع الذكر القولي والاعتقادي:

لا يمكن حصر أنواع الذكر لله تعالى، فكل قول أو عمل أو استشعار لعظمة الله تعالى أو تسبيحه أو تمجيده أو شكره أو دعائه أو قراءة كتابه، أو التفكر في كونه أو الخشية من عذابه والطمع في رحمته وجنته، كل ذلك يدخل في دائرة ذكر الله تعالى، كما يدخل في هذه الدائرة فرائض الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، إلا أنه من المفيد الإشارة إلى بعض أنواع الذكر:

القرآن شفاء
 

1 – قراءة القرآن:

وهي أفضل الذكر وأعظمه تقربًا إلى الله تعالى، لأنه خير الكلام، وفيه أحسن الهدي وأقوم الأحكام، فمن قرأ القرآن نال رضى الله تعالى، وتعافى من الأحزان والأوجاع والآلام، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا .

فالقرآن الكريم شفاء للفكر الذي تؤلمه الشبهات، وللنفس التي تثقلها الشهوات والاضطرابات.

ومن أجل ذلك كان الأجر المترتب على تلاوة القرآن عظيمًا وكثيرًا، يقول عليه الصلاة والسلام: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف».

ويقول عليه الصلاة والسلام: «من استمع إلى آية من كتاب الله تعالى كتب له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة».

لذا جاء الأمر الإلهي بقراءة القرآن وترتيله، (ورتل القرآن ترتيلا).

كما جاء الأمر النبوي بذلك: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه».

2 – الأذكار المطلقة:

وهي الأذكار التي فيها تسبيح الله وتنزيهه وحمده وشكره مثل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يقول عليه الصلاة والسلام: «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان على الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم».

ويقول عليه الصلاة والسلام أيضًا: «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأت أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه».

3 ـــ الدعاء:

والدعاء هو مخ العبادة ومحركها، لأن أي عبادة لا تخلو من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى والوقوف والتذلل بين يديه سبحانه، وهو الحبل الذي يوصل العبد بربه، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾.

فالدعاء يربط الإنسان بربه ويوثق عرى العلاقة معه، لأنه إذا لم يتعلق بهذا الخالق تعلّق بغيره، وبالتالي يدخل في دوامة الشرك والمعاصي، وصدق الشاعر حين قال:

لا تسألن بني آدم حاجة
الله يغضب إن تركت سؤاله

  وسل الذي أبوابه لا تحجب
وإذا سألت بني آدم يغضب

آداب الدعاء
 

وللدعاء والتضرع إلى الله تعالى آداب لا بد من مراعاتها، ومن ذلك:

أ – الإخلاص لله تعالى، يقول تبارك وتعالى: ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ  .

ب – تحري أوقات الإجابة، كيوم عرفة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، ووقت السحر، وبين الأذان والإقامة، ووقت نزول الغيث، وحال السجود وزحف الصفوف وغير ذلك.

ج – التيقن من الإجابة، يقول عليه الصلاة والسلام: «لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مستكرِه له».

د – أن يكون العبد على طهارة.

هـ – أن يستقبل القبلة.

ز – أن يكرر الدعاء ثلاثًا.

ح – أن يطيب مطعمه، ويبتعد عن التعامل بالحرام كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ . وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ  ﴾. ثم ذكر الرجلُ يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا ربّ يا ربّ ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام، وغُذّي بالحرام فأنّى يستجاب لذلك».

ط – أن يبدأ بالحمد لله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ي – ألا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم.

ك – أن يرفع يديه عند الدعاء.

ل – ألا يستعجل الإجابة.

م – الإلحاح بالدعاء.

وأفضل الدعاء ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، كقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ .

وكقوله صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أُردَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر». وغير ذلك من الأدعية.

¡  ¡  ¡

فإلى أولئك المبتلين بالقلق والاضطراب وسائر الأمراض النفسية، وإلى من طغت عليهم الماديات المهلكة، وإلى من قست قلوبهم بظلمة المعاصي، وإلى من تكالبت عليهم الخطوب، واشتدت عليهم الكروب، وكثرت عليهم المشكلات، فعمّهم القلق والاكتئاب، ليس لكم مخلّص إلا الله تعالى، ادعوه خاشعين خاضعين منيبين راغبين راهبين، ادعوه ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا، وأكثروا من هذا الدعاء، تجدوا ثمرة ذلك في دنياكم وعلاج مشكلاتكم كما تجدونه في أخراكم، وليس شيء أكرم على الله من الدعاء.

4 – الاستغفار:

والاستغفار هو طلب المغفرة، وهو جزء من الذكر، ولكن جاء التنصيص عليه بخصوصه لتخصيص الله تعالى له في آيات كثيرة فيدل على عظيم أثره، يقول تبارك وتعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا  يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا  .

ويقول تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ .

وقد أمر الله تعالى رسوله بهذا الاستغفار، فقال: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ  ﴾ .

وقال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ .

وحكم الاستغفار مثل حكم الدعاء، فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه، لا سيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب أو وافق ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة ا قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال: رب أذنبت ذنبًا فاغفر، فقال ربه: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاثًا فليعمل ما شاء».

والمعنى: ما دام على هذه الحال كلما أذنب استغفر، والظاهر أن مراده الاستغفار المقرون بعدم الإصرار.

آثار الاستغفار تعم المجتمعات
 

وأثر الاستغفار بلا شك كما يشمل الأفراد فإنه يشمل المجتمعات، بل وحتى الأمم، يقول تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ  .

وبهذا يكون الاستغفار عاملاً للسعادة الحقيقية، إذ أن من محيت ذنوبه كان أسعد الناس في الدنيا والآخرة، فهو جلاء لصدأ الران على القلوب الذي يفسد سعادتها وراحتها، وكاشف للغم والهم، فقد جاء في الحديث: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب».

¡  ¡  ¡

وهكذا تبين من العرض السابق أن من أهم مقومات الحياة وسعادتها ملازمة الاستغفار ليزول ما ران على القلوب من صدأ وغلب عليها من سواد، لتستمر ناصعة فيستمر صاحب هذا اللسان سعيدًا.

كما أن من مزيلات الكروب، وموسعات الصدور، وفارجات الهموم، وكاشفات الغموم التوبة والاستغفار.

¡  ¡  ¡

5 – الأذكار اليومية المقيدة:

وأما الأذكار اليومية التي علّم رسول الله صلى الله عليه وسلم  الأمة عليها في جلّ أوقاتهم فهي كثيرة، وهي جزء من حياة المؤمن وامتداد للأذكار الأخرى كالصلاة وتلاوة القرآن، ويمكن الإشارة إلى بعض هذه الأذكار في النقاط الآتية:

أ – أذكار الصباح والمساء:

عن عثمان بن عفان ا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره بشيء».

ويقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه».

وعن أبي هريرة ا قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، قال: «أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك».

ب – أذكار الدخول إلى المنزل والخروج منه:

يقول عليه الصلاة والسلام في دعاء الدخول إلى المنزل: «إذا ولج الرجل بيته فليقل اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ثم ليسلم على أهله». ويقول صلى الله عليه وسلم  في دعاء الخروج من المنزل: «إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي».

ج- أذكار دخول المسجد:

يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللهم إني أسألك من فضلك».

د – أذكار ما قبل النوم:

يقول حذيفة ا: «كان النبي صلى الله عليه وسلم  إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول اللهم باسمك أموت وأحيا وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».

هـ – أذكار الدخول إلى الخلاء والخروج منه:

عن أنس ا قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» وقال ا في حديث آخر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم  إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني».

والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًا ولا شك أن هذا من عظيم فضل الله علينا. وجميعها يربط الإنسان بخالقه وبارئه، ليستمد منه قوته وطاقته فينطلق في الحياة بتفاؤل وحماس وقوة.

¡  ¡  ¡

r   ثمرات ذكر الله تعالى:

ويمكن الإشارة إلى بعض ثمرات الذكر في حياة الإنسان وبعد مماته في النقاط الآتية:

1 – الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان، ويسلم الإنسان من وساوسه ونفثه، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ .

2 – الذكر من أسباب نزول الرحمة والمغفرة على صاحبه، وكلما كان القلب ذاكرًا لله ومراقبًا له، كلما تمتع بالرحمة من الله، يقول تبارك وتعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ .

3 – الذكر يجعل صاحبه يعيش في ذمة الله تعالى وكفالته، ومن كانت هذه حاله فلا يضيره ضرّ ولا عذاب في الحياة الدنيا، بل إن كل عسرة يمرّ بها يلحقها يسرٌ لا محال، وكل ضائقة يعانيها تكون بداية خير ونجاح وتوفيق له في الدنيا قبل الآخرة، وتؤكد هذه الحقيقة آيات بيّنات من كتاب الله تعالى، وخير مثال عليها ما وردت في قصة نبي الله يونس عليه السلام حين التقمه الحوت، فيخبر الله تعالى أنما انفرجت شدته وزال همه وخرج من بطن الحوت، بسبب ما كان يردد من ذكر وتسبيح ودعاء في تلك الظلمة القاسية: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ  ﴾ .

4 – الذكر يمنح النفس الراحة والطمأنينة، ويذهب عنها القلق والاضطراب والخوف والهلع، وهذه خطوة مهمة في بناء المنهجية  الصحيحة في الحياة، لأن القلق واليأس والخوف من عوامل الإحباط والعجز في الحياة، فإذا ذكر الإنسان ربه بالقرآن أو الدعاء أو التسبيح أو الأوراد الأخرى، فإن الله تعالى يسدل عليه الطمأنينة والسكينة التي تعينه على المضي إلى الأمام بخطى راسخة وثابتة، يقول تبارك وتعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.

5 – الذكر الدائم لله تعالى والتضرع إليه من أسباب النصر والتمكين في الأرض، ونزول الخيرات والبركات على الناس، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ .

ويقول تبارك وتعالى على لسان نوح عليه السلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا  يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا .

وقد أفرد الإمام ابن القيم : أكثر من مائة فائدة للذكر في كتاب الوابل الصيب. فليرجع إليه.

¡  ¡  ¡

ومن هنا يتبين أن من قواعد الحياة أن تبنى على ذكر الله تعالى بالقلب واللسان فيحيا القلب ويطمئن، ويترطب اللسان بالذكر، ولا محل حينئذ لكلمة بذيئة، أو لفظ نابئ يرضي الشيطان ويغضب الرحمن، فلا يستطيع الشيطان أن يلج إلى هذا القلب الحي الذاكر.



بحث عن بحث