القاعدة السادسة والعشرون

أخلص عملك لله تعالى وأتقِنْه

ما الإخلاص؟ وما الإتقان؟
 

والإخلاص هو أن يقصد العبد رضى الله تعالى بأقواله وأفعاله وفي جميع أحواله، دون أن يدخل في هذا القصد نوايا أخرى كالشهرة أو الجاه أو المال وغيرها. والإتقان: الاجتهاد في أداء العمل على الوجه المرضي.

من عوامل الإتقان الإخلاص
 
أهمية الإخلاص
 

والإخلاص مطلب مهم ودعامة أساسية للإنسان الذي يريد السير على النهج الصحيح في الحياة، لأنه يربط أعمال الإنسان بأوامر الله تعالى ونواهيه، والتي تهدف جميعها إلى جلب النفع والسعادة ودرء المفاسد والشقاء عن الإنسان، يقول تبارك وتعالى آمرًا نبيه صلى الله عليه وسلم  وعباده المؤمنين بهذا المبدأ العظيم: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ  ، ويقول تبارك وتعالى في موضع آخر: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  .

أما النية فهو تمييز العمل، والقصد به وجه الله تعالى.

وبذلك يكون الإخلاص هو الشطر الثاني من النية، أي أنه جزء منها.

ولعلَّ من أهم ما يميّز به الإنسان المخلص في الحياة، هو إتقانه في  العمل وحرصه على أن يكون إنتاجه على أفضل حال، لأن الله تعالى يحب هذا الإنسان بهذه الصورة الحضارية في الحياة، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه».

فالحياة ميدان كبير يتنافس المؤمنون في أرجائه على البر والخير، وهو جزء من أسباب وجوده على هذه الأرض، يقول تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ    ﴾.

منبع الإخلاص والإتقان
 

ولعل الأصل الذي ينبع منه الإخلاص في الحياة والإتقان في الأعمال هو الشعور الدائم بمراقبة الله تعالى، وأعلى مراحلها ومراتبها هي الإحسان الذي عرّفه الرسول صلى الله عليه وسلم  لجبريل عليه السلام حين سأله عن الإحسان فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

وكما قال الشاعر:

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل        خلــوت ولكـن قـل علـيّ رقيـبُ

وفي جميع الأحوال فإن الله تعالى سيحاسب الإنسان على ما قدّم في الحياة الدنيا، إن كان خيرًا فالرضى والجنة، وإن كان شرًا فالعقاب والعذاب، يقول تبارك وتعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿7وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .

ويقول جل وعلا أيضًا: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .

¡  ¡  ¡

عوامل مساعدة على الإخلاص والإتقان :

1 – معرفة مهمة الإنسان في الحياة وأنه خلق لعبادة الله تعالى وأن غاية عمله طلب رضى الله تعالى والجنة، وعمارة الحياة.

2 – معرفة مصادر سعادته وشقاوته وأهمها انطلاق أعماله من معرفته لخالقه جل وعلا.

3 – إيمانه العميق بأن مسيّر الدنيا كلها هو الله سبحانه، فيخلص عمله له ويتقنه.

4 – عمل المقارنات بين عمل المخلص المتقن وعمل غيره، وتذكره أن نتائج هذا العمل تختلف عن ذاك، فيختار الإنسان لنفسه ما شاء.

5 – قراءة سير المخلصين الجادين، ابتداء بالقدوة عليه الصلاة والسلام، ماذا كانت حياتهم؟ وماذا أنتجوا؟ ومن هؤلاء الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام والمبدعون.

6 – ملازمة الجادين المخلصين المتقنين، والبعد عن الكسالى والمترفين، فأثر الملازمة كبير.

7 – تسجيل أهداف الإنسان في الحياة، ووسائل الوصول إلى تحقيقها.

8 – الدعاء الصادق بالإخلاص والإتقان.

¡  ¡  ¡

من عوامل السعادة الإخلاص
 

وبهذا فإن الإخلاص في العمل والإتقان فيه، من أهم العوامل التي ترسم المنهج الصحيح للإنسان، لأن فقدان هذه الدعامة يفقد الإنسان الأصل الذي ينطلق منه لبناء الحياة وإسعاد الآخرين، كما هو حال كثير من الناس  الذين لا يدينون دين الحق، أو يدينونه ظاهرًا، ويبطون خلافه، الأمر الذي يعرّض سعادة الأمم والمجتمعات.

ونختم هذه القاعدة بقول الشاعر الذي يخاطب الإنسان بلزوم الإخلاص، ومراقبة الله تعالى في السر والعلن:

وإذا خلوت بريبة فـي ظلمــة           والنفـس داعيـة إلى العصيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها         إن الـذي خلـق الظلام يراني



بحث عن بحث