القاعدة الثانية

تحديد الهدف

سبق الحديث عن الهدف العام من التربية ألا وهو إصلاح الإنسان، عقديًا وعباديًا واجتماعيًا، ولكن كل مرب له أهداف خاصة من تربيته للوصول إلى الهدف العام، وتنبع هذه الأهداف من وضع الإنسان وحالته وعمله ووظيفته، وتخضع أيضًا لحالة المتربي، وأساليب هذه التربية تختلف بحسب اختلاف هدف المربي، وأيًا كان هدف المربي أو المعلم فإن للإسلام توجيهاته الدقيقة في صياغة هذا الهدف، ويتضح ذلك بالأمثلة:

- فالتاجر عندما يسعى في تربية أولاده – مثلاً – على التجارة، فتجده يكرس جهده لتعليمهم طرائقها وغرس مبادئها وأصولها، وعوامل الكسب والخسارة، فضلاً عن بيان أهميتها، ولكن عندما يكون هذا التاجر مسلمًا، فلا شك أنه سيحدد هدفه من التربية التجارية أن تكون ذات صياغة إسلامية، فالهدف الواضح: هو إيجاد تاجر مسلم.

يقول الله تعالى مبيّنًا أهمية تحديد الهدف: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

ومن هنا فمن أهم ما سيربي عليه هذا المربي: التعامل المالي التعامل الحلال، فالمصدر حلال، والمصرف حلال، والوسائل مشروعة، فتظهر التربية على الصدق في المعاملة، والسماحة في البيع والشراء، وعدم الغش والتدليس، وعدم التعامل بالربا، وعدم أكل أموال الناس بالباطل، وكذا عدم بيع ما فيه ضرر أو خداع أو غرر، وكل هذا ونحوه مع خشية الله تعالى ورجاء بركة بيعه وشرائه ومراعاة إخوانه المسلمين في معاملاته كلها، فضلاً عن الهدف من الحصول على المال.

وفي هذه الإلماحة يظهر الفرق بين التاجر المسلم وغير المسلم، فكلاهما يتحدان في تخريج تاجر، ولكن يختلفان في نوعية هذا التاجر.

- ومثال آخر: المعلم في تربيته لتلاميذه، فلا بد له من وضوح هدفه من تعليمه، وهنا تختلف المسالك باختلاف المعلمين، والمعلم الراشد هو الذي يجعل تعليمه نافعًا لتلاميذه. ومثله المزارع، والصانع، والأب، والداعية.



بحث عن بحث