السمة الثالثة: الواقعية:

إن المنهج التربوي النبوي منهج واقعي، بمعنى أنه ممكن التطبيق في واقع الناس، ليس نظريًا بحتًا، ولا مثاليًا لا يطيقه إلا أفذاذ الناس، وليس بالعسير الذي لا يطاق كبعض المناهج الفلسفية.

فالمنهج التربوي: واقعي في فهمه، وواقعي في تطبيقه والعمل به، وواقعي في زمانه ومكانه.

1 - أما واقعيته في فهمه لأن الذي أتى به وعمل به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مصدره، عاش بين الناس وسمعوا منه، وفهموه، وما لم يفهموه سألوا عنه، فلم ينتقل عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى إلا وقد بيّن لهم كل شيء، فالأب في تربيته لأبنائه يجد بغيته واضحة جلية، والمعلم كذلك، والسياسي كذلك، والاقتصادي كذلك، والطبيب النفسي كذلك في معالجته لمرضاه.

إن كلامه عليه الصلاة والسلام سهل وواضح وميسر، لأن هذه رسالته يريد أن يرسلها إلى الناس واضحة مفهومة.

2 - أما واقعيته في تطبيقه والعمل به، فما بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلا ليرى الإسلام حيًا يمشي على الأرض، يراه الناس فيرون الإسلام ومنه منهجه التربوي، يربي الصحابة بوضوح، يوصي أحدهم بالصلاة على وقتها والآخر: بعدم الغضب، والثالث: بحفظ الله وهكذا المربي في تربيته يكون واقعيًا، فيربي الآخرين بما يناسبهم، ويربي أسرته، يخاطبهم باللين، ويعمل معهم في أعمال المنزل، ويوصيهم بالصلاة وقيام الليل، ويحزم عليهم في موضع الحزم، فهو للآباء قدوة، ولعامة المربين أسوة.

3 - أما واقعيته في زمانه ومكانه، فلا شك أن للزمان خصوصيته وللمكان كذلك، فيراعي المربي الوقت من حيث أفضليته، مثل شهر رمضان والأيام العشر من ذي الحجة، فتكون التربية على أمور الطاعة والعبادة أكثر من غيرهما، وللمكان كذلك فيراعى وضعه، كالمسجد مثلاً في احترامه وتقديره وعدم العبث فيه ومراعاة حرمته، وكذا الحرم، والمسجد الحرام بخصوصه... وهكذا.

فأينما اتجهت في هذا المنهج النبوي فتجده واقعيًا ممكن التطبيق علميًا وعمليًا، فدعوة للمربين ليخرجوا ما في الهدي النبوي من الكنوز التربوية العظيمة وإظهارها للناس بالقول والعمل.



بحث عن بحث