القاعدة الرابعة

المنهج التربوي منهج متكامل

r   مدخـل:

إن جميع التوجيهات النبوية تتجه في النهاية إلى ضمان الآخرة وما فيها من الفوز بالجنة ونعيمها، والقرب من الله تعالى، ولكن جاءت نصوص من الهدي النبوي تربط العمل الإنساني في هذه الحياة ربطًا مباشرًا للمصير الذي ينتظره في الآخرة، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال المعالم الآتية:

r   أولاً: النظرة إلى الحياة الدنيا:

لقد وصف الله تعالى الحياة الدنيا في كتاب الله بأوصاف كثيرة، منها:

1 - أنها دار مؤقتة وقصيرة العمر، سرعان ما تنقضي حين يأتيها أمر الله تعالى، يقول جلا وعلا: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . ويقول جل ثناؤه: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

2 - أنها دار ابتلاء وامتحان، لقوله تعالى:  ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ    ﴾ .

3 - أنها دار لهو ومتاع وغرور، لقوله تعالى: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾، ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ    ﴾ .

4 - أنها دار لا تعدل عند الله شيئًا، لقوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴿33وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ﴿34وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

قوله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء». وغير ذلك من الأوصاف.

وبناء على ذلك فقد جاء وصف النبي صلى الله عليه وسلم للتعامل مع هذه الحياة مناسبًا، حين قال لابن عمر رضي الله عنه: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».

وكانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم ترجمة عملية لهذا الحديث، فقد كان عليه الصلاة والسلام ينام على الحصير حتى يظهر في جسمه الطاهر أثرها، وكان يمضي الشهر والشهران ولا يوقد في بيته نار، بل إنه صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهون عند يهودي، وغير ذلك من المظاهر التي تدل كلها أن هذه الحياة وما فيها آيبة إلى الزوال.



بحث عن بحث