r   ثالثًا: أولوية الفرائض عن السنن:

عن ابن عمر م أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحجّ، وصوم رمضان».

وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا إلا أن تطوع»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصيام شهر رمضان» قال: هل علي غيره؟ قال: «لا إلا أن تطوع» قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها؟ فقال: «لا إلا أن تطوع»، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق».

ويختلط الأمر على كثير من الناس بالنسبة لموضوع تقديم الفرائض على السنن والنوافل، فقد ترى بعضهم يقوم الليل ويصلي ويتعب ثم ينام ولا يستيقظ إلا وقد أشرقت الشمس وذهبت عليه صلاة الفجر، وبهذا فقد أخذ بالنافلة وضيّع الفرض.

وكذا الحال بالنسبة لبعض الناس الذين يصومون النوافل من الاثنين والخميس، أو أيام البيض، ويترتب عليهم بذلك جهد وتعب، يمنعهم من القيام بما ينوط بهم من أعمال وواجبات، كالتأخير عن الدوام، أو الكسل في أداء العمل وتأخيره، لا سيما إذا كانت مصالح الناس مرتبطة به، فإنه يرتكب إثمًا بتأجيل مصالح الناس وإحراجهم في الذهاب والإياب ومراجعته لعدة أيام، والسبب هو الكسل الناجم عن صيامه للنفل، وهذه من الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس، حيث قُدم النفل على الواجب.

وبناء على ذلك: فالله جلّ وعلا قدّم الفرائض على السنن وجعلها أكثر محبة له، وعليه فيجب على المربّي أن يغرسها في نفوس المتربين ليقوموا بها كما شرع الله. ثم ليأخذوا نصيبهم من السنن ما استطاعوا، ولذلك كانت الفرائض قليلة مقابل السنن، فمساحتها كبيرة ليأخذ كلٌ بما يستطيع.

إن فقه هذه الأولوية يجعل مجالاً عظيمًا لتقدم المتربي في سلّم الرقي، وفي الوقت نفسه يسلم من الزلل والسقط والتراجع.

فتلك قاعدة مهمة فالزمها.



بحث عن بحث