r   سادسًا: الأولوية في تربية الأقربين:

وفي المجال التربوي، تبدأ التربية والتوجيه بالأقرب فالأقرب، بحيث تكون نقطة انطلاقها من داخل الأسرة مع الزوجة والأبناء والبنات، ثم الذين يلونهم من الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء، وهكذا. لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ .

وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته وفق هذا المنهج، فبدأ بالمقربين منه من أهل بيته مثل أم المؤمنين خديجة ك، وأهله وأصحابه أمثال أبي بكر وعلي وعمر وعثمان ن، امتثالاً لقول الله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ .

ولعل الحكمة في هذه الأولوية، أن القريب أكثر قابلية لتلقي الدعوة والتوجيه من البعيد، لأنه أعلم بالداعية أو المرّبي أكثر من غيره، كما أن الروابط الاجتماعية تكون أكثر قوة ومتانة بين الأهل والأقرباء، مما يساعد في بناء مجتمع إسلامي متماسك ومتعاون.

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم يومًا أقرباءه وخاطبهم قائلاً: «يا بني عبد شمس، يا بني كعب بن لؤي: أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبدالمطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار. فإني لا أملك لكم من الله شيئًا غير أن لكم رحمًا سأبلها ببلالها».

والشاهد من السيرة النبوية، أن الذين أسّسوا النواة الأولى لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا بضعة من الرجال المقرّبين إليه رضوان الله عليهم.

وإن من الظواهر الخاطئة أن يهتم المربّي أو الداعية بالآخرين ويجتهد في ذلك، وفي الوقت نفسه يهمل أسرته من الأبناء والبنات والزوجة، أو الإخوة والأخوات. وإن هذا الخطأ يجعل فجوات في المسالك التربوية، ويورث خللاً في حياة المربّي نفسه، وتناقضًا في مسيرته الدعوية.



بحث عن بحث