القاعدة الحادية عشرة

الرفق واللين

r   مدخـل:

من أهم معالم التربية في الهدي النبوي التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الرفق واللين بالقول والعمل، ولذا، خصصناه بقاعدة مستقلة إذ هو من أعظم الوسائل التي تتحقق بها أهداف التربية، وله آثار إيجابية عظيمة على الفرد نفسه وعلى الفرد المربي أو المؤسسة التربوية، وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالرفق واللين، ونهاه عن الشدة والقسوة، فقال جل وعلا: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ .

وقد أثنى الله تعالى على نبيّه صلى الله عليه وسلم بما تحلّى به من الرحمة واللين واللطف مع أهله وصحابته رضوان الله عليهم، فقال جل ثناؤه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ  .

وقال الله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾.

وفيما يلي بعض مظاهر التربية النبوية من خلال أسلوب الرفق واللين:

r   أولاً: التأني وعدم التعجل:

وهذا يعني التريث والتأني في جميع المواقف التي يتعرض لها الإنسان وعدم التسرع في الحكم أو الاستعجال في الردّ، لأن العجلة في معظم أحوالها تعطي التشخيص الخطأ للحدث، أو تؤول إلى نتائج غير وخيمة غير مرضية، بينما يكون العكس حين يتريث الإنسان ويصبر على المواقف وتتبين معالم الحدث، فيكون التحليل صحيحًا والنتائج مرضية.

عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت وا ثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

يقول الإمام النووي : معلقًا على هذا الحديث: «فيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به، ورفقه بالجاهل، ورأفته، وشفقته عليه، وفيه التخلّق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به وتقريب الصواب إلى فهمه».



بحث عن بحث