4 ــ الاهتمام بالعقل وتكريمه :

أما العناية بالعقل فيكون بترويضه وتمرينه على التفكر والتأمل بحقيقة الكون والحياة والإنسان، واستشعار عظمة الله تعالى في ذلك، الأمر الذي يجعل الإنسان إيجابيا في الحياة، لأنه يزن الأمور بميزان صحيح، وينطلق في الحياة من زاوية صحيحة، حين يستخدم عقله وفكره في الوصول إلى الحقائق والدلائل التي توصله إلى الله، فهذا الأساس يجعل سائر أعماله وإنتاجه تسير نحو الهدف المنشود والاتجاه الصحيح، قال الله تعالى: âإِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿190 الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ á.

ومن أهم الأدوات التي تحافظ على سلامة العقل والتفكير عند الإنسان ما يلي :

أ ـ معرفة قيمة العقل ومكانته، وأنه الفيصل بين الإنسان والحيوان، وأنه نعمة كبيرة من الله تعالى، أودعها في نفس الإنسان ليؤدي رسالته في الحياة بشكل صحيح، قال الله تعالى: âوَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا á.

وأما الأعضاء الأخرى كالحواس الخمس والأطراف وغيرها، فهي تبع للعقل ومناقد له، فالعقل هو أمير الجسد وقائده، فعبر هذه القيادة والأدوات المنفذة لها يستطيع الإنسان أن يقدم للحياة الخير والسعادة، قال الله تعالى: âأَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴿8 وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴿9 وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ á.

ب ـ تجنب كل ما يؤذي العقل ويهدد سلامته، كتناول المسكرات والمخدرات وغيرها، قال الله تعالى: âيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَá.

لأن تناول المسكرات والمخدرات تخمد دور العقل فيجعل صاحبه كالمجنون، فربما كان ذلك مدخلًا إلى سائر المعاصي والكبائر، من القتل والسلب وهتك الأعراض، وبالتالي يتولد بين أبناء المجتمع الواحد ألوان الضغائن والأحقاد والمفاسد والمشكلات، بسبب هذا السلوك المنحرف، وهو ما أشار إليه تبارك وتعالى في الآية اللاحقة: âإِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ á.

ج ـ تحرير العقل من الأوهام والخرافات التي ترهقه وتبدد قدراته، كالإيمان بالتطير أو التشاؤم من بعض الأشخاص وبعض الأماكن، أو بعض الأيام أو الشهور، فكل ذلك من عوامل تخريب العقل وتعطيل دوره في حركة الحياة والبناء والإنتاج، قال النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر».

وبهذه العناية وهذا التكريم للعقل، يمكن للإنسان أن يؤدي دورًا إيجابيا في الحياة، ويسهم مع العقلاء الآخرين في إيجاد السعادة والعدالة للناس كافة.



بحث عن بحث