خامسًا: وقفات مع الإيجابية

الأولى: الإيجابية والتفاؤل والتشاؤم 

إن من أهم الدعائم النفسية للإيجابية في الحياة هو توافر عنصر التفاؤل في الإنسان، وهو التوقع الإيجابي في حركته في الحياة، رغم ما يعتريها أحيانًا بعض الخطوب والعوائق، ويدخل هذا التفاؤل في باب حسن الظن بالله تعالى الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني».

فالتفاؤل هو الزاد النفسي للإنسان لخوض معركة الحياة دون كلل      أو ملل، ويعطيه القوة والنشاط للعمل والاجتهاد في الحياة، ليقدم أحسن الأعمال وأفضل الإنتاج.

ولا يكون التفاؤل ضرورة في حالة الشدة وحدها، وإنما في جميع الأحوال، في الشدة والرخاء، والسراء والضراء، فالتفاؤل هو العلاج الذي يستعمله المؤمن في كل الظروف للخروج منها بأفضل النتاج وأقل الخسائر، كما كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ط في الغار، فيقول عليه الصلاة والسلام: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما».

والتفاؤل هو الأمل الذي يعطي القوة للإنسان إلى الأحسن والأفضل في الحالات العادية، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون».

وضد التفاؤل التشاؤمُ واليأسُ، والخوف من كل شيء والخوف من المستقبل، ولا شك أن هذا آفة نفسية خطيرة، تثبط العمل الإيجابي وتقف عائقًا كبيرًا أمامه، وقد نهى الله عن ذلك في كتابه على لسان يعقوب عليه السلام: âوَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَá.

ولا بد من الإشارة إلى أن التفاؤل يتطلب العمل والحركة، فلا معنى للتفاؤل من غير عمل، لا سيما أن الله تعالى علّق الأسباب بالمسببات في الكون، وهذا لا يناقض مفهوم التفاؤل أو التوكل، وقد أشار إلى ذلك النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء».

ومن هنا ندرك أن من العناصر المؤثرة في الإيجابية وجود التفاؤل ومصاحبته للفرد الإيجابي.



بحث عن بحث