ويقصد بصفاته الخُلقية: ما يتعلق بأخلاقه الشريفة - صلى الله عليه وسلم-، ومن أمثلة ذلك:

1-   قول السيدة عائشة - رضي الله عنها- حين سُِلَتْ عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت للسائل: (ألست تقرأ القرآن؟ فقال: بلى، قالت: فإن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- القرآن)(1).

2-   ما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه- قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم- أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها)(2).

3-   ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما-: قال: (لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)(3).

      هذه بعض أخلاقه - صلى الله عليه وسلم-، ولقد وصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى درجة الكمال البشري فاتصف بكل صفات هذا الكمال البشري، ووجدت فيه كل صفة على أعلى درجاتها، وكمال هيئتها.

وامتدحه ربُّ العزة قائلاً: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم: 4.

ولله در القائل:

يا مصطفى من قبل نشـأة آدم            والكون لم تفتح له أغـلاق

أيروم مخلوق ثناءك بعـدمــا             أثنى على أخلاقك الخـلاق

ويقصد بسائر أخباره: ما صدر عنه - صلى الله عليه وسلم- في كل أحواله حركة، وسكوناً، ويقظة، ومناماً، سواءً كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.

أما حركاته: فهي وسائل تربوية: يقصد من ورائها شد انتباه المتلقي، ولفت نظره إلى أهمية ما يلقى عليه، ومن الأمثلة على ذلك:

1-   قوله – صلى الله عليه وسلم – (التقوى ها هنا، وأشار إلى صدره ثلاثاً)(4). فهذه الحركة المتمثلة في الإشارة أفادتنا أن محل التقوى هو القلب.

2-   قوله – صلى الله عليه وسلم – (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، قال الراوي: وكان متكئاً فجلس، ثم قال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور ثلاثاً، حتى قلنا: ليته سكت)(5).

        فتغيير النبي - صلى الله عليه وسلم- من وضعه وحركته أفاد خطورة ما جاء بعدها، حتى يحذره القوم ويقدرونه قدره.

3-   قول عبد الله بن مسعود: خط رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطا مستقيما، ثم قال: (هذا سبيل الله مستقيماً، وخط عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها إلا عليه شيطان يدعو إليه)، ثم قرأ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(6) سورة الأنعام: 153.

4-   وعن ابن مسعود أيضاً قال: خطَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – خطاً مربعاً، وخطَّ خطاً في الوسط خارجاً منه، وخطَّ خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: (هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به – أو قد أحاط به -، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا)(7).

       ففي هذين الحديثين استخدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرسم كوسيلة إيضاح لإيصال ما يريده إلى ذهن أصحابه، وهذا ما يأخذ به علماء التربية اليوم في التعليم والتلقي، وقد سبقهم إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منذ خمسة عشر قرناً من الزمان.

 



(1)    الحديث أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل، وهو جزء من حديث طويل، ( 1739).
(2)  الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب المناقب، باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم- ( 6102)، ومسلم في الصحيح، كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم ( 6032).
(3)    المرجع السابق.
(4)    الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الآداب والصلة، باب تحريم ظلم المسلم من حديث طويل 2/424.
(5)   الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور،( 2654) ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها ( 259).
(6)  الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/465، والحاكم في مستدركه، كتاب التفسير  ( 2/318) وقال: صحيح ولم يخرجاه.
(7)    الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله ( 6417).

 

 

 



بحث عن بحث