القاعدة الثامنة: الاستعانة بالآخرين

انطلاقًا من الحكمة المأثورة: الحكمة ضالة المؤمن هو أحق بها أنّى وجدها. فلا بد من الاستفادة والاستعانة بالآخرين لإدارة كثير من مناحي الحياة؛ لأن الاعتماد على الجهود الفردية غير مجدية في كثير من الحالات، وكلما تكاتفت الجهود وتنوعت الآراء والأفكار، كلما ازدادت نسبة السداد والتوفيق.

ومن هنا يمكن تحديد مفهوم الاستعانة بخبرات الآخرين وتجاربهم من خلال المعالم الآتية:

1ـ مشروعية الاستعانة بالآخر، بحيث تكون ضمن دائرة الحلال والمحافظة على ثوابت الإسلام وتعاليمه.

2 ـ إن الأنبياء والرسل عليهم السلام كانوا يستعينون بغيرهم في الدعوة إلى الله، فقد طلب موسى عليه السلام من ربه أن يجعل أخاه هارون عليه السلام معه لمساندته والوقوف معه في دعوته، فقال: â وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ﴿29 هَارُونَ أَخِيá.

والنبي صلى الله عليه وسلم استعان بكثير من الصحابة في الدعوة، فقد جعل لنفسه خادمًا، وبعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن، واتخذ رسلًا لنقل رسائله إلى الملوك والأمراء، واستعان بأبي بكر رضي الله عنه في هجرته، وهكذا.

3 ـ إقرار مبدأ الشورى، هو نوع من الاستعانة بالرأي في أمور الدين والدنيا، وقد حثّ الله على هذا المبدأ فقال: âوَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِá. وقال أيضًا: âوَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ á.

4 ـ الاستعانة بأهل العلم والتخصص ضرورة عند الاختلاف وظهور الأزمات والنوازل، قال الله تعالى: âوَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ á.

5 ـ حاجة الإنسان إلى غيره ضرورة نفسية واجتماعية، فهي فطرة لا يمكن الاستغناء عنها، إذ لا يمكن أن يقوم الإنسان بمفرده القيام بجميع الأعمال الموكلة إليه، فهو بحاجة دائمة إلى الآخرين، كل حسب إمكاناته وتخصصه. فالأعمال الكبيرة تحتاج إلى وجود كوارد في تخصصات ومجالات متنوعة لدراسة سير العمل والإنتاج، ولا يمنع أن تكون الاستعانة بغير المسلم في العلوم المادية والدنيوية، كالعلوم الطبية والتقنية والهندسية وغيرها.

6 ـ مخالطة الناجحين من أصحاب الشهادات والخبرات في تخصصاتهم هي نوع من الاستعانة، للاستفادة من تجاربهم الناجحة في إدارة الحياة وتحقيق الأهداف.

7 ـ تعلم لغات الشعوب والأمم هو نوع من الاستعانة من أجل التواصل مع ملل العالم وأعراقه، وبالتالي إقامة علاقات علمية وتجارية واقتصادية معهم.

ومن هنا، فإن مبدأ الاستعانة بالآخر مطلب ضروري، وحاجة ملحة، لتنظيم شؤون الحياة وإدارتها بشكل صحيح، فعلى سبيل المثال:

ـ الأفراد داخل الأسرة الواحدة: يستعين كل واحد منهم بالآخر، فالزوجة والأبناء يستعينون بالأب للإنفاق عليهم وتأمين حوائجهم الضرورية، والأب يستعين بزوجته في تربية أبنائه والاهتمام بشؤون البيت من الطبخ والغسيل وغيره، وهكذا الحال في سائر شؤون الحياة ومجالاتها، لابد من الاستعانة بالآخرين والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم.

ـ المدير مع موظفيه، فمن الخير أن يتعامل مع الجميع بروح التكامل، وإضفاء مسيرة النجاح للجميع، كل في مجاله.

ـ وهكذا في المشروعات المؤسسية، علمية ودعوية وتجارية وغيرها.



بحث عن بحث