4 ــ الجماع أثناء طلوع الفجر: 

إذا طلع الفجر وهو مجامع، وله حالات:

أ- إن استدام الجماع، ففيه قولان:

القول الأول: عليه القضاء والكفارة، وبه قال الأئمة؛ مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف من الحنفية.

دليلهم: أنه منع صحة يوم من رمضان بجماع من غير عذر، فوجبت عليه الكفارة كما لو وطئ في أثناء النهار.

القول الثاني: يجب القضاء دون الكفارة، وبه قال الحنفية.

ودليلهم: أن وطأه لم يصادف صومًا صحيحًا، فلم يوجب الكفارة، كما لو ترك النية وجامع.

ويرد عليهم: أنه ترك صوم رمضان بجماع أثِم به لحرمة الصوم، فوجبت به الكفارة، كما لو وطئ بعد طلوع الفجر، وكذلك استدامة الفعل بعد التذكر وطلوع الفجر كالإنشاء وما قاسوا عليه ممنوع.

ب: إن نزع في الحال مع أول طلوع الفجر، ففيه قولان:

القول الأول: عليه الكفارة أيضًا، لأن النزع جماع يلتذ به فيتعلق به ما يتعلق بالاستدامة أشبه الإيلاج .وهو قول للحنابلة.

القول الثاني: وهو أحد قولين للمالكية وزفر، وأبو يوسف من الحنفية وقول للحنابلة: يبطل صومه ولا كفارة عليه.

ودليلهم: أن اقتران الواقعة بطلوع الفجر مانع من انعقاد الصوم وعدم الكفارة؛ لأنه لا يقدر على أكثر مما فعله من ترك الجماع أشبه بالمكره.

القول الثالث: لا قضاء عليه، ولا كفارة، وهو قول أبي حنيفة والشافعي والقول الآخر للمالكية. وقول للحنابلة.

ودليلهم: أنه ترك الجماع، فلا يتعلق به ما يتعلق بالجماع كما لو حلف لا يدخل دارًا وهو فيها فخرج منها. وهو الراجح والله أعلم. واختاره الشيخ تقي الدين.

ويجاب على أصحاب القول الأول والثاني: بأن الموجود منه بعد طلوع الفجر هو النزع والنزع ترك الجماع، وترك الشيء لا يكون محصلًا له، بل يكون اشتغالًا لا يقصد بضده فلم يوجد منه الجماع بعد الطلوع رأسًا فلا يفسد صومه، ولهذا لم يفسد في الأكل والشرب، كذا في الجماع.

وهذه المسألة تقرب من الاستحالة؛ إذ لا يكاد يعلم أول طلوع الفجر على وجه يتعقبه النزع، من غير أن يكون قبله شيء من الجماع، فلا حاجة إلى فرضها والكلام فيها.

5- من أكل أو شرب فبان خطؤه في الوقت فجرًا أو مغربًا:

كأن يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب، أو أن الفجر لم يطلع وقد طلع، ففي ذلك قولان :

القول الأول: يجب عليه القضاء، وهو قول أكثر أهل العلم ، وقالوا: لأن الله تعالى أمر بإتمام الصوم ولم يتمه، وقالت أسماء بنت أبي بكر ك «أفطرنا يومًا من رمضان في غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس». قيل لهشام بن عروة – وهو راوي الحديث- أمروا بالقضاء، قال لابد من قضاء. ولأنه جهل وقت الصوم فلم يعذر كالجهل بأول رمضان.

القول الثاني: صومه صحيح، ولا قضاء عليه. وهو قول إسحاق وعطاء، وعروة والحسن البصري، ومجاهدواختاره الشيخ تقي الدين.

دليلهم: قول اللهتعالىâوَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ á [الأحزاب : 5]، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

وروى عبد الرزاق قال: حدثنا مَعْمَر عن الأعمش عنيزيد بن وهب، قال: «أفطر الناس في زمن عمر بن الخطاب، فرأيت عِسَاسًا أخرجت من بيت حفصة فشربوا، ثم طلعت الشمسمن سحاب فكأن ذلك شق على الناس؛ فقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: لم؟ والله ماتجانفنا الإثم»وروى البخاري عنأسماء بنت أبي بكر ك قالت: «أفطرنا يومًا من رمضان في غيم على عهدرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس».

ورد الجمهور: بأنه أكل مختارًا ذاكرًا للصوم فأفطر، كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل بوقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان؛ ولأنه يمكن التحرز منه فأشبه أكل العامد وفارق الناسي فإنه لا يمكن التحرز منه، وأما الخبر فرواه الأثرم أن عمر قال: من أكل فيقض يوماُ مكانه، ورواه مالك في الموطأ أن عمر قال: الخطب يسير يعني خفة القضاء وروى هشام بن عروة عن فاطمة امرأته عن أسماء قالت : أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام أمروا بالقضاء قال : لا بد من قضاء.

وقد رد أصحاب القول الثاني على حديث أسماء، قال ابن تيمية: هذا يدل علىشيئين:

الأول: يدل على أنه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب،فإنهم لم يفعلوا ذلك، ولم يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة -معنبيهم- أعلم وأطوع لله ورسوله، ممن جاء بعدهم.

الثاني: يدل على أنه لا يجب القضاء،فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء، لشاع ذلك، كما نقل فطرهم، فلمالم ينقل دل على أنه لم يأمرهم به، ولأنه لم يقصد الأكل في الصوم، فلم يلزمه القضاء كالناسي. وهذا القول أقوى أثرًا ونظرًا وأشبه بدلالة الكتاب والسنة والقياس وهو الراجح والله أعلم.

6- من سافر لأجل الفطر :

إن سافر الصائم ليفطر حرم السفر و الإفطار، حيث لا علة للسفر إلا الفطر، وذلك لأن سفره كان وسيلة إلى الفطر.، فحرم عليه السفر والفطر.

7- التبرد بالماء :

لا بأس أن يصب الماء على رأسه من الحر والعطش؛ لما روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر)..

ولا بأس أن يغتسل الصائم، فإن عائشة وأم سلمة قالتا: «نشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبًا من غير احتلام ثم يغتسل ثم يصوم»،وروى أبو بكر بإسناده أن ابن عباس دخل الحمام وهو صائم هو وأصحاب له في شهر رمضان.

وبناءً على هذا يجوز أن يفعل الصائم ما يعين على إتمام الصوم، كالجلوس في مكان بارد، أو السفر إليه ونحو ذلك.



بحث عن بحث