الموضوع الثامن:

من آداب الطعام

عن عمر بن أبي سلمة م قال: «كُنْتُ غلامًا في حَجْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم  وَكَانَتْ يَدي تطيشُ في الصحفة فَقَال لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم  يَا غُلَام سَمِّ الله وكُلْ بِيَمِيْنَك وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طعمتي بَعْدُ».

©  أهمية الحديث:

نِعَم الله تعالى على العباد كثيرة جدًّا ومنها نعمة الطعام والشراب التي بها يقيمون أبدانهم، ويروون ظمأهم ويسدون جوعتهم، فيجب شكر هذه النعمة، وذلك بالتزام الآداب المتعلقة بها، ومنها هذا الحديث.

©  مسائل الحديث:

الطعام والشراب عنصران أساسيان لقوام الحياة، ولذا فقد نظم الإسلام ما يتعلق بتعامل المسلم معهما موقفًا، وآدابًا، وطريقة. ومن المهم أن يفقه المسلم تعامله معهما.

يمكن أن نقسم التعامل مع الطعام والشراب إلى قسمين:

القسم الأول: ما ينبغي الاعتناء به:

أ – أن يعتقد المسلم أن هذا الطعام والشراب من عند الله تعالى فهو نعمة من نعمه العظيمة فيحترمه ويشكر الله عليه.

ب- أن يكون مورده حلالًا طيبًا كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلَّا طيِّبًا».

ج- أن يسمي مريد الأكل والشرب في بدايتهما كما ثبت ذلك في حديث الباب عن عمر بن أبي سلمة.

د- أن يأكل مما يليه كما ذكر في هذا الحديث: «وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ».

هـ - أن يأكل بيمينه لقوله صلى الله عليه وسلم : «وكُلْ بَيَمِينِكَ».

و- إذا سقطت لقمة من الطعام فعليه أن يأخذها ويأكلها، فإن كان بها أذى أزاله ونظفها وأكلها لحديث أنس رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «إِذَا سقطتْ لقمةُ أحدِكُمْ فليُمِطْ عَنْهَا الأَذَى وليأْكُلْهَا ولا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ».

ز- أن يلعق أصابعه ويلحس الصحن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم  أمر بذلك وقال: «فإنَّكُمْ لا تَدْرُون في أيِّ طَعَامكم البركةُ».

ح- يسن لشارب الماء أن يتنفس خارج الإناء ثلاث مرات، وذلك بأن يشرب ثم يبعد الإناء عن فيه ويتنفس وهكذا ثلاث مرات، روى البخاري، عن أنس رضي الله عنه  قال: «كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  يتنفَّسَ في الشرابِ ثلاثًا».

ي- يستحب للآكل والشارب أن يحمد الله تعالى ويشكره بعد أكله وشربه، وأقل لفظ يقوله: «الحمد لله» ليرد النعمة إلى المنعم ويشكره ويثني عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله لَيَرْضَى عَن العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فيحمَدَهُ عليها أَوْ يَشْرَبَ الشربَةَ فيحمَدَهُ عَلَيْهَا»، ومن الأدعية الحسنة أن يدعو بما ورد ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان إذا رفع مائدته قال: «الحمدُ لله كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه غَيْرَ مكفِيٍّ ولا مُودِّعٍ ولا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ربَّنَا».

أ – إذا شرب وأراد أن يعطي من بجانبه فليعط من كان على يمينه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

القسم الثاني: ما ينبغي اجتنابه:

أ – أن لا يكون مورده حرامًا فإن ذلك أثرًا عليه وعلى أسرته للحديث المذكور سابقًا: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا».

ب- أن لا يسرف في تعامله مع الطعام والشراب قال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60].

ج- لا يجوز أن يأكل بشماله لما في ذلك من التشبيه بالشيطان كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قوله: «إِذَا أَكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بيمينه وإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرِبْ بيمينِهِ فإنَّ الشَّيْطَانَ يأكُلُ بشمالِهِ ويشربُ بشمالِهِ».

د- يكره النفخ في الإناء والتنفس فيه، أو أن يأكل متكئًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا آكلُ مُتَّكِئًا»، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم  عن التنفس في الإناء.

هـ - أن لا يعيب الطعام بل إن اشتهاه أكله وإن عافته نفسه تركه دون عيب له. قال أبو هريرة رضي الله عنه : «ما عَابَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  طَعَامًا قَطُّ».

3- مما يلحظ في آداب الطعام أنه ينبغي احترامه وترك امتهانه فلا يرمى في المزابل وأماكن القاذورات، أو في الشوارع فإن لذلك أثرًا سيئًا في عدم شكر الله عليه، ومن ثم قد يعاقب الإنسان على ذلك في الدنيا والآخرة.



بحث عن بحث