المحافظة على البيئة والممتلكات العامة 


عن أنس بن مالك رضي الله عنه : «يَذْكُرُ أَنَّ أعرابِيًّا قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ في المسجدِ فَبَالَ فِيهَا فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  دَعُوهُ فَلَمَّا فَرَغَ أَمَرَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  بِذُنوبٍ فَصُبَّ عَلَى بَوْلِهِ».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ الله قَالَ الذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهْمِ».

عن أنس بن مالك رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».

©  أهمية هذه الأحاديث:

تشترك هذه الأحاديث في الإشارة إلى أهمية بيئة الناس كالشوارع والحدائق العامة والطرقات والأسواق والمطارات وغيرها، وذلك بالمحافظة عليها، وصيانتها، وعدم تعريضها للخراب، والسعي في إصلاحها، ففي ذلك أجرٌ وخيرٌ عظيمٌ.

©  توجيهات الأحاديث:

تدل هذه الأحاديث على شمول الشريعة الإسلامية لكل ما منه صلاح العباد في أمور دينهم ودنياهم، فالبيئة التي يعيشون فيها، والممتلكات العامة التي يشتركون في الاستفادة منها لها حقوق يجب مراعاتها التقيد بها.

من الأمكنة التي يشترك فيها المسلمون أمكنة عباداتهم وهي المساجد وهذه المساجد لها حرمتها واحترامها فهي مكان الصلاة والقراءة والذكر والدعاء والمناجاة، فيجب أن تصان من الأنجاس والقاذورات، وأن يسعى بتنظيفها والمحافظة عليها، لذلك لما جاء هذا الأعرابي وبال في المسجد قام إليه الصحابة رضي الله عنهم  ليزجروه وينهوه ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم  بحكمته ولطافته وبعد نظره نهاهم حتى ينهي بوله، فلما انتهى من بوله أمرهم بأن ينظفوا مكان البول بالماء، ثم استدعاه وأخبره بأن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القاذورات وإنما هي للصلاة والذكر والقراءة.

لأمكنة الجلوس العامة، والحدائق ونحوها حرمة لا يجوز العبث بها، ولا توسيخها بالبول عندها أو بأي شيء من القاذورات، بل يجب المحافظة عليها، وتنظيفها ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم  من توسيخها، وعّد ذلك من الأمور الجالبة اللعن والغضب.

ومثل ذلك مقار المياه والطرقات التي يمر منها الناس ونحوها.

من أهم ما يجب عليه المحافظة في الأمور البيئة المياه، وقد نوّه بشأنه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في مواضع، وكذا السنة النبوية ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: 30]. فإذا أفسد الماء فسدت الحياة، فأمر بالمحافظة عليه ونهى عن الإسراف فيه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم  يتوضأ بمد، ويغتسل بصاع، وقال سبحانه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴿26 إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 26 – 27].

ومن هنا جاءت التعليمات النبوية بالمحافظة عليه حفاظًا شديدًا من الإهدار، ومن صور ذلك مع ما ذكر كراهية الزيادة في الوضوء على الثلاث، وعدم إيجاب إعادة الوضوء إذا لم يجد ريحًا أو  يسمع صوتًا، وجواز الصلوات الخمس بوضوء واحد، وجواز الاكتفاء بالغسل مع نيه الوضوء، وجواز الانتفاع بالماء ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة وغيرها كثير.

كما جاءت السنة النبوية بالمحافظة عليه من التلوث، ومن صور ذلك النهي عن التبول في الماء الراكد، والتحذير من البراز في موارد الناس وكراهية التنفس في الإناء عند الشرب، وكراهية الشرب في فم السقاء، وغيرها كثير.

يقاس على ما ذكر جميع الأماكن العامة والممتلكات العامة مثل: الأسواق والمطارات والمحطات والموانئ وغيرها في وجوب المحافظة عليها وعدم تلويثها، والحث على صيانتها.

إن من يقوم بذلك فله أجر عظيم وثواب جزيل من الله سبحانه وتعالى، بل عدّ ذلك من شعب الإيمان كما في الحديث الصحيح: «وإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ». كيف لا، وهذا ينتفع منه عدد كبير من الناس، وخير العمل ما تعدى نفعه للآخرين، وخير الناس أنفعم للناس. وهذا ما دل عليه الحديث الرابع.



بحث عن بحث