الخطبة الثانية

    الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه، أحمده وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم وسار على منهاجهم إلى يوم الدين أما بعد:

أيها المسلمون! وهناك صلوات نوافل لها أسباب تفعل إذا وجدت هذه الأسباب، ومن ذلك:

1- تحية المسجد لمن دخله، وأراد الجلوس فيه، وهي سنة مؤكدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي  ركعتين".

2- ومن التطوعات المستحبة، وهي من ذوات الأسباب والصلوات النافلة الصلاة عقب الوضوء، وهي سنة مؤكدة في أي وقت؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر :" يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة" قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي"  .

3- ومن الصلوات المشروعة لسبب أيضاً: صلاة الاستخارة: لحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: " إذا هَمَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إنــــي أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري- أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني" قال: ويسمي حاجته.

عباد الله! يقول الإمام أحمد رحمه الله : إنما حَظُّ الناس من الإسلام على قدر حظهم في الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة. فاعرف نفسك، يا عبدالله، واحذر أن تلقى الله عز وجل، ولا قدر للإسلام عندك، فإن قدر الإسلام في قلبك، كقدر الصلاة في قلبك، ألا ومن تعظيم قدر الصلاة الإتيان بالفرائض الخمس والمحافظة على النوافل من التطوعات التي تكملها وتجبر كسرها، فهي زيادة في عمل المسلم وإتاحة للفرصة أمامه لآخرته، وليتصل بربه، ويرفع إليه شكواه وحوائجه، ويتقرب إليه، ولهذا يقول تعالى في الحديث القدسي : " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه"  فمحبة الله للعبد تقع بملازمة العبد التقرب بالنوافل ، ومن أدى الفرض، ثم زاد عليه النفل، وأدام ذلك تحققت منه إرادة التقرب، وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة، كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك.

   ثم صلوا على من أمركم بالله بالصلاة والسلام عليه حيث قال جل وعلا: (إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النبي يا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليماً) [الأحزاب: 56].



بحث عن بحث