الخطبة الثانية

    الحمدلله حمداً طيباً مباركاً فهي كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد: لا شك- عباد الله !- أن المسلم العاقل يؤذيه ما يراه ويسمعه من تلك الأزمات الخانقة التي تعيشها أمته المسلمة، اقتصادية وسياسية، اجتماعية وتربوية، فكرية وأخلاقية، وغيرها، تؤذيه تلك الأزمات لما يعلم من نتائجها الوخيمة، وعواقبها الخطيرة، كما حصل للأمم السابقة عندما خالفت السنن الإلهية، وابتعدت عن التعاليم الربانية.

   ولكن المسلم، وهو يتصور بوضوح المشكلة وحجمها وأسبابها، تلوح في الأفق، لديه بشائر عظيمة، وتفاؤل وآمال بانكشاف الغمة، مهما طال زمانها، أو قصر؛ ما عمل المسلمون بأسبابها التي أوضحها ربنا جلَّ وعلا في كتابه الكريم بما لا يحتاج إلى شرح أو تفصيل، اسمعوا علاج تلك الأزمات التي تحمل البشائر يقول الله تعالى: ( وعَدَ الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً، ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) [النور: 55]، وفي آية أخرى يقرر ربنا عاملاً من عوامل البشائر والفرح، يقول الله سبحانه وتعالى:(يا أيُّها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبِّت أقدامكم)[محمد: 7].

   وفي موقف آخر يشخص العلاج نفسه بأسلوب آخر، يقول تعالى عن نوح مخاطباًَ قومه: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفَّارا. يُرسل السماء عليكم مدراراً. ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جنَّاتٍ ويجعل لكم أنهارا) [نوح: 10-12].

   وفي آية أخرى يقول سبحانه: (إنَّ الله يدافع عن الذين آمنوا إنَّ الله لا يحب كل خَّوانٍ كفور) . [الحج: 38].

   استمعوا- عباد الله- إلى هذا التقرير العظيم: (ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) [الأعراف: 96].

   إنه الحق الثابت، والسنة المحكمة، لا علاج، ولا دواء مهما عقدت المؤتمرات، والندوات، وتناغمت الصيحات إلا بما قرر هنا: الإيمان والعمل الصالح، والعلاقة بالله عز وجل، علاج جميع المحن والأزمات، هكذا قضى الله، هذا هو العلاج- عباد الله- فمن هو المعالج والمداوي؟ إنه باختصار شديد أنت، نعم أنت!! بإيمانك وعملك الصالح، نعم أنت، في تربيتك لأسرتك، وأنت في عملك القويم في مجتمعك. كما يعني غيرك، كل في موقفه (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فابدأ، حفظك الله، قبل فوات الأوان (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق: 37].

   وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين كما أمركم الله في كتابه الكريم حيث قال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً).



بحث عن بحث