الوقفة الأولى: 

شرح مفردات الباب:

(التبرك) : طلب البركة .

(اللات): فيها قراءتان قراءة التشديد فتكون اسم فاعل من اللّت وكان هذا اسم لصنم، وأصله رجل كان يلت السويق للحجاج فلما مات عكفوا على قبره وجعلوه صنماً، ولّت السويق أي يجعل مع السويق السمن .

وعلى قراءة التخفيف تكون اللات مشتقة من الله أو من الإله، وهي صخرة لأهل الطائف ومن حولها من الأعراب .

(العزّى) : مشتق من اسم الله "العزيز" وهي نخلة في وادٍ بين مكة والطائف تعبده قريش وبنو كنانة.

(مناة): قيل مشتقة من اسم المنان أو من (منى) لكثرة ما يمنى عنده من الدماء بمعنى يراق. وكان بين مكة والمدينة لهذيل وخزاعة .

(قسمة ضيزى) : أي قسمة مائلة غير عادلة .

(حُنين) : اسم للمكان الذي وقعت فيه غزوة حُنين .

(حدثاء عهد بكفر): أي لا يزال إسلامهم قريباً .

(ينوطون بها أسلحتهم) : أي يعلقون بها أسلحتهم لطلب البركة .

الوقفة الثانية: 

مع قولـه تعالى: ] أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ﴿19﴾ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) الآيات

ذكر المصنف هذه الآيات تحت هذا الباب ليبين أن هذه أسماء أصنام وأوثان في الجاهلية كانوا يعبدونها ويطلبون منها البركة ويذبحون عندها ويسألونها من دون الله، فذمهم بهذا الاستفهام الإنكاري على تبركهم ودعائهم عند هذه الأصنام .

الوقفة الثالثة :

مع حديث الباب وفيه أنواع التبرك وحكم كل نوع:

1 - تبرك جائز ومشروع: وهو طلب البركة والتماسها مما علم بالشرع أنه مبارك مثل طلب البركة من النبي صلى الله عليه وسلم أثناء حياته وطلب البركة في اتباع شرعه وتعاليمه بعد مماته.

ومن التبرك المشروع الصلاة في الحرمين الشريفين تطلب فيها البركة وذلك في مضاعفة الأجر .

ومثل شرب ماء زمزم الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أنه طعام طعم وشفاء سقم  .

2 - تبرك ممنوع - وهو مراد المصنف - : وهو طلب البركة مما لم يأذن به الشرع.

وحكم هذا التبرك بحسب نية المتبرك فقد يكون شركاً أكبر وقد يكون دون ذلك.

فمن شد الرحال إلى ضريح أو قبر يزعم أنه ولي؛ فإن دعاه من دون الله وطلب من هذا الولي رفع الضر أو دفعه أو جلب الخير أو تبرك به من دون الله فهذا شرك أكبر أما إن دعا الله تعالى عند الضريح وبزعمه أنه بهذا تحصل البركة فهذا كبيرة من كبائر الذنوب.

الوقفة الرابعة : مسألتان مهمتان :

المسألة الأولى: من تبرك بالشجر والحجر وغيرهما واعتقد نفعهما من دون الله هل يكفر ، وهل يُكفّر كل من فعل ذلك؟

أما من تبرك بالشجر أو بالقبر أو بالضريح للولي الفلاني واعتقد نفعه أو ضره من دون الله وأقر بذلك فلا شك في إشراكه مع الله شركاً أكبر يخرج به من الملة.

وأما ما يحصل الآن عند عامة المسلمين من التبرك بالقبور والأضرحة فهؤلاء يعذرون بالجهل حتى يبين لهم الحق فإنك لو سألت أحدهم : هل تعتقد نفع هذا الولي من دون الله ؟ لاستنكر كلامك مما يدلك على جهلهم .

المسألة الثانية: واجبنا نحو من يفعل هذه الأفعال :

يجب الإنكار عليهم وبيان الحق لهم وخطورة فعلهم ولكن بالتي هي أحسن؛ بأن يبين المنهج الصحيح في ذلك وما مصدر البركة الحقيقية؟ وما السبل الصحيحة الموصولة إلى البركة المشروعة؟ وأن الأمور كلها بيد الله تعالى وإليه يرجع الأمر كله، ويتعين هذا البيان  على أهل العلم والدعاة وكل من يجيد حسن البيان . كما يتعين على المسؤولين في كل بلد أن يمارسوا سلطتهم في ذلك  .

الوقفة الخامسة :

في حديث الباب بيان لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم من طلب البركة من الأشجار وغيرها ، وأخبر أننا سنتبع ونقلد من كان قبلنا وهذا التقليد على نوعين :

1 - التقليد في أمور الاعتقاد مثل الاحتفال بأعياد الكفار، ومثل طلب البركة مما هو ممنوع في الشرع . ولا شك في حرمة هذا وبدعيته.

2 - التقليد في الأعمال كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن وجوب مخالفة اليهود وغيرهم بالأمر بإعفاء اللحى وحف الشوارب.

والضابط في الأعمال : إن كان العمل مما عرف الكفار به وصار علَماً عليهم فلا يجوز مشابههتم به ، ولكن إذا كان ما يعمله الكفار مباحاً وليس علَماً عليهم وليس خاصاً بهم فلا حرج من فعله . 



بحث عن بحث