الوقفة الأولى :

(التنجيم): مصدر نجّم بتشديد الجيم أي تعلم علم النجوم أو اعتقاد تأثير النجوم على الإنسان والحياة. 

الوقفة الثانية :

ما حكم تعلم علم التنجيم؟

ينقسم إلى قسمين:

1 - علم التأثير : وله ثلاثة أقسام :

أ - أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة تخلق الحوادث والشرور، فهذا شرك أكبر لأنه جعلها خالقاً مع الله.

ب - أن يجعلها سبباً يدعي به علم الغيب، وهذا اتخذ النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب، وادعاء علم الغيب كفر أكبر.

ج - أن يعتقد أنها سبب لحدوث الخير والشر، فإذا وقع شيء نسبه إلى النجوم، وهذا شرك أصغر، مثلاً ولد مولود أو مات أحد جعل سببه أحد هذه النجوم، فهو على حسب نيته كما سبق تفصيله.

2 – علم التسيير : وله قسمان:

أ - أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية، فهذا مطلوب بل قد يكون واجباً كمعرفة جهة القبلة وغير ذلك.

ب - أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية وله نوعان:

1 - أن يستدل بها على الجهات كالشمال وغيره فهذا جائز لقوله تعالى:]وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[ .

2 - أن يستدل بها على الفصول وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر وهذا فيه خلاف دائر بين الكراهة والإباحة ساقه المصنف - رحمه الله -، وسبب الكراهة خشية أن ينسب البرد وغيره للنجم الفلاني، والصحيح إن شاء الله الجواز إذا اتقي مثل هذا المعنى .

الوقفة الرابعة: 

أورد المصنف في هذا قول قتادة - رحمه الله - بأن للنجوم ثلاث فوائد :

1 - زينة للسماء قال تعالى : ]وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ[ .

2 - رجوم للشياطين كما قال تعالى : ]وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ[ .

3 - علامات يهتدى بها كما قال تعالى:]وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[. فهي علامات يستدل بها على الجهات، ويستدل بها على معرفة الفصول الأربعة.

الوقفة الخامسة :

تحتوي على عدة نقاط وهي:

1 - المسلم قوي الإيمان بالله لا يلتفت إلى ما يقوله مدعي الغيب وإن اختلفت أسماؤهم أو تغيرت أشكالهم، فالمنجم وغيره ممن يدعي الغيب يجب أن لا يلتفت المسلم إليه لأنه يعلم علم اليقين أنه لا عالم للغيب إلا الله ]قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ[  .

2 - من حكمة الله - عز وجل - في مخلوقاته أن جعل هناك أسباباً، وهذه الأسباب تربط بمسبباتها مثال ذلك : وقت البذور لزروع معينة لا تكون إلا في فصل من فصول السنة عندما يظهر نجم معين فإذا علم ذلك وربط السبب بالمسبب جاز من هذا الوجه دون أن يعتقد أن النجم فاعل بنفسه.

3 - الناس في الأحوال الفلكية ككسوف الشمس وخسوف القمر وغيره بين إفراط وتفريط، فهناك من يجعل لها تأثيراً في الحوادث الأرضية وأنها مؤثرة أو سبب في ذلك وهذا إفراط .

ومنهم من إذا عرف وقوع الكسوف قبل حدوثه خف لديه تأثير هذا الكسوف وهذا تفريط ، فإذا علم أن الشمس ستكسف أو سيسقط المطر من خلال التجربة في معرفة المطر مثلاً فهذا لا يعني أنها ليست من آيات الله، بل هي آية من آيات الله، ولو علم من علمها علماً إجمالياً.

الوقفة السادسة :

مع حديث أبي موسى رضي الله عنه :

(ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر) الشاهد قولـه "ومصدق بالسحر".

مناسبة الحديث للباب أن التنجيم من السحر كما قال صلى الله عليه وسلم(ومن اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر) .

هذه الأعمال الثلاثة هي من كبائر الذنوب، وصاحبها تحت مشيئة الله إن شاء عذبه في النار على قدر معصيته وإن شاء غفر لـه وأدخله الجنة بفضله ورحمته، ولكن إن عذب في النار لم يخلد فيها، ومن تاب تاب الله عليه فإن الله غفور رحيم . 



بحث عن بحث