الوقفة الأولى :

سبب نزول قولـه تعالى: ]فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا[... وهو مجيء الشيطان إلى آدم وحواء عندما حملت بجنين فقال سمّياه عبدالحارث فلم يطيعاه فوسوس لهما إنه قد يصيبه ما يصيبه. كما هي الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، ثم لما حملت مرة أخرى طغى عليهما حُب الولد فسمَّياه عبدالحارث: فنزل قولـه سبحانه وتعالى بهذه الآية .

وهناك قول آخر: أن هذه الآية ليست في آدم ولا حواء وإنما هي في المشركين؛ لأنهم يصرفون النعم لغير الله سبحانه وتعالى فيشركون مع الله جل وعز ومن مواقع الشرك التسمية .

  • ولذلك أراد المصنف هنا أن يبين بأن الشرك كما يكون في الحقيقة في التوجه لغير الله سبحانه وتعالى في أي نوع من أنواع الشرك يكون كذلك بالأقوال والتسمية، فلو سمي إنسان عبد العزى أو عبداللات فيثبت العبودية إلى هذه الأصنام والأوثان وغيرها ومن ذلك نسبة العبودية إلى الأشخاص، فهذا نوع من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وهذا الشرك بالله جل وعلا إما أن يكون شركاً أكبر إذا اعتقد عبودية هذا الإنسان لذلك المعبود، فهذا شرك صريح في عبادة الله جل وعلا ومخرج من الملة ومحبط للأعمال.
  • أما إذا كان في التسمية فقط دون أن يكون معتقداً في عبوديته له وإنما مجرد اسم، فهذا شرك في الطاعة بمعنى أنه شرك أصغر .

فلذلك كان أفضل الأسماء ما تشرف للعبودية لله كعبد الله وعبدالرحمن وعبدالعزيز وعبدالحق وعبدالقيوم ونحو ذلك، فهذه فيها عبودية لله عز وجل، وجاء في الحديث أن أفضل الأسماء عبدالله وعبدالرحمن، فلا تجوز العبودية إلا لله سبحانه وتعالى، ويتشرف هذا العبد بالعبودية لله جل علا الذي شرّف بها نبيه صلى الله عليه وسلم في قولـه تعالى: ]سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[ . في أعظم مهمة شرفه الله تعالى بعبوديته جل وعلا، فإذا وصفت هذه العبودية في الاسم لغير الله فلا تجوز، وهذه ما عبر عنها بشرك الطاعة. ومن هنا اتفق أهل العلم على تحريم كل اسم معبد لغير الله حتى ولو كان عظيما كالنبي صلى الله عليه وسلم أو بصفته أو من الملائكة كأن تقول عبدالنبي، أو عبدالرسول أو عبدجبريل فضلاً أن تكون هذه العبودية لأصنام فهذه لا تجوز .

الوقفة الثانية :

الفرق بين شرك العبودية وشرك الطاعة:

أهل العلم يفرقون بينهم:

1-  شرك العبودية: أن تعبد غير الله جل وعلا .

2-   شرك الطاعة: بأن تعمل عملاً لغير لله جل وعلا .

ويمثلون في هذا (شرك الطاعة): أن يأمر شخصٌ آخرَ بمعصية الله عز وجل فينفذ هذا المأمور تلك المعصية، هذا لا يعني أنه عبد ذلك الشخص فأشرك شرك الطاعة، فإذا وقف عند هذا الحد لا يخرج من الملة وإنما يبقى معصية كبيرة وذنباً عظيماً يستحق صاحبه العقوبة .

الوقفة الثالثة:

ذكر أهل العلم أن العمل لا يمكن أن يقبل وأن يكون حسناً إلا إذا اجتمع فيه شرطان:

الأول: أن يكون المقصود به وجه الله سبحانه وتعالى.

الثاني: أن يكون على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال تعالى: ]خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً[ قال أهل العلم : أحسنه: أخلصه وأصوبه.



بحث عن بحث