الآثار المترتبة على مخالفة قاعدة الائتلاف والاختلاف:

إن مخالفة الداعية لهذه القاعدة، وعدم فطنته إلى أسباب الاجتماع، وبعده عن عوامل التفرق يؤدي بالضرورة إلى انقسام الناس والدعاة إلى شيع وأحزاب، وهذا بدوره يؤدي إلى الضعف والاضطراب، وهنا تذهب قوة المسلمين بذهاب وحدتهم وتجمعهم، وبالتالي يتمكن منهم أعداؤهم الذين يتربصون بهم الدوائر، وما الأحداث والوقائع التي تمر بها أمتنا في فترتها الراهنة ببعيدة عن هذا، فكم من مسألة فرعية أثيرت، وكم من قضية شاعت، اختلفت فيها الآراء، وتلاطمت فيها العقول، كل يبغي أن ينتصر لرأيه ولو كان بالخلاص من الآخرين، والله تعالى يقول: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105]

والخلاصة:

بعد هذا العرض عن هذه القاعدة المهمة يتلخص لدينا جملة أفكار غاية في الأهمية:

1 – أن الاجتماع وعدم التفرق مقصد من مقاصد الشريعة، يجب العمل له، وعدم التهاون بشأنه.

2 – أن التفرق مذموم يجب الابتعاد عنه.

3 – أن الخلاف ينقسم إلى قسمين، خلاف مذموم وهو ما كان في أصول الشريعة أو مصادرها، أو دافعه الهوى والتعصب، أو في ما كان معلومًا من الدين بالضرورة، أو مجمعًا عليه. وخلاف سائغ ومقبول وهو ما كان في فروع الدين ودلّ عليه دليل من الكتاب أو السنة أو اعتمد على قاعدة شرعية وكان دافعه الوصول إلى الحق.

4 – أن يركز في الدعوة إلى الاجتماع وعدم الفرقة، وأن تشاع العوامل المساعدة في ذلك.

5 – ألا يكون من الأهداف إشاعة الخلاف، ففرق بين أن يكون الخلاف سائغًا أو أن يكون مقصدًا يدعى إليه، فالأول يقبل ويتعامل معه والآخر أصبح هدفًا وهذا غير مراد في الشرع، وهو أمر أحسب أنه في غاية الأهمية، فهو يعالج ما التبس عند كثيرين.

6 – أن على الدعوة ومؤسساتها والدعاة أن يعززوا عوامل الاجتماع، ويقربوا هوة الخلاف، وذلك بتدارس نقاط الخلاف الذي يدعو للفرقة والتشاحن لتقلل مساحته ويعملوا بخط واحد، أو خطوط متوازية لا متنافرة.

7- كما أن عليهم الحذر من إشاعة الخلاف، وعوامله، من الاعتداء بالرأي، واللمز بالمخالف فيما يسوغ فيه الخلاف.

8- إشاعة مبدأ التناصح بأدبه، والحوار الموصل للنتائج الإيجابية، والمساحة للخير واسعة تستوعب الجميع، ولا يعنى هذا السكوت والمجاملة بقدر ما يعنى سعة الأفق وإشاعة التناصح.



بحث عن بحث