يمكن أن يطبق مبدأ التدرج في أبعاد عدة في الدعوة ومنها:

 

أ - في نقل الكافر إلى الإسلام كما سبق التفصيل فيه.

ب - في نقل المنغمسين في المعاصي إلى الطاعات فيتدرج معه في ترك الكبائر أو الأكبر منها، وفي فعل الطاعات كالصلاة ثم الزكاة إن كان من أهلها كما سبق في حديث بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه .

ج - في التدرج في طلب العلم فيبدأ بصغار العلم قبل كباره، وبالتواعد والأصول قبل الفروع والتفصيل، وفي الواضحات ثم المبهمات والمشكلات، وفي المتون قبل الشروح، وهكذا.

د - التدرج في تحمل المسؤوليات شيئًا فشيئًا حتى على مستوى إلقاء درس أو موعظة.

هـ - التدرج في توجيه الناس في معالجة الظواهر الاجتماعية الخاطئة المنتشرة في المجتمع فيوجه الناس إلى معالجتها شيئًا فشيئًا.

ز - ومن التدرج التدرج في تغيير المنكر سواء من جهة اجتماع عدد من المنكرات فيبدأ بالأكبر ويركز عليه، مع عدم إهمال غيره مما هو أقل منه إلا أنه الأصغر يجب ألا يستغرق الجهود، أو من جهة نوعية الإنكار وطبيعته فينكر بالوسيلة الأسهل التي يندفع بها المنكر.

أو من جهة الآثار المترتبة على هذا الإنكار فيبدأ بما لا يترتب على إنكاره أضرار وهكذا.

ح - ومن التدرج التدرج في التربية سواء من الأب لأبنائه، أو من المعلم للتلاميذ، أومن الداعية والمرشد لمدعويه، فيبدأ بالأهم، وبالأسهل فإن النفوس تقبل المهم والسهل وتأبى الصعب والمخالف لما هي عليه،

ط - من التدرج أيضًا: التدرج في الأسلوب والخطاب الدعوي بين اللين والشدة، وبين الترغيب والترهيب.

ي - ومن أعظم مجالات التدرج: التدرج في نقل المجتمع بعامة من حالة السلبية والضعف والبعد عن الدين إلى حالة النشاط والإيجابية في خطة زمنية تتناسب والمرحلة التي يعيشها ذلك المجتمع.

ك - غير ذلك من المجالات الكثيرة التي هي من مجالات لتدرج في الدعوة، وبناء على ذلك أقول: إن من الخير العظيم والأثر الحميد، والفوائد والعوائد الآنية والمستقبلية، على الفرد والمجتمع، وللداعية والدعوة: أن ترسم الخطط للإصلاح والتربية مراعية هذا المبدأ الذي أصّل في القرآن الكريم، وتعامل به النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته.

6- ومن بدهي القول أن ضد التدرج الاستعجال، والعجلة مذمومة في غالب أحوالها إلا في المبادرة إلى الطاعات، ومن تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه.

ومن العجلة المذمومة: التعامل بها في الدعوة وخطابها، ومن ذلك:

-    استخدام الأساليب العنيفة من الغلظة في القول والخطاب دون مبرر شرعي، ومن المؤسف أن هذا يكثر عند بعض الدعاة، حتى أوصل بعضًا منهم إلى الحنق والضيق على المجتمع فقادهم إلى الحكم عليهم بالكفر أو الفسق أو غيره.

-    ومن العجلة الاهتمام بمعالجة الظواهر الخاطئة الأصغر مع ترك ما هو أكبر فيشتغل بذلك الأدنى عن الأعلى.

-    ومن العجلة: محاولة اختصار الزمن في طلب العلم مثل: قراءة المطولات قبل المختصرات، والاهتمام بالشروح قبل المتون، وبالغوص في الفرعيات والجزئيات دون معرفة الكليات.

-    ومنها: التسرع في الحكم على الأشياء والأشخاص بالتصويب والتخطئة بدون استدلال واضح، أو مشاورة عالم معتبر.

-     ومنها: الاتجاه في الإصلاح إلى المجالات الصعبة والمعقدة في المجتمع، دون تربية الناس على تقبل الإصلاح كمن ينتقد بعض الأنظمة الاقتصادية أو السياسة ونحوها دون تبين أحكامها، ويُربى الناس على قبول هذه الأحكام.

-    ومنها: الإنكار على صغائر الذنوب مع وجود مخالفات في العقيدة واضحة كما في بعض المجتمعات المسلمة.

-    ومنها: تتبع الظواهر الخاطئة دون إيجاد مشاريع تربوية أو إصلاحية من شأنها أن تعالج كل سلبي من الأفراد أو المجتمعات وغير ذلك كثير.

إن من الخير العظيم للداعية وهو يرسم منهجه و أسلوبه في الدعوة أن يراجع ما لديه من أساليب وطرق ورؤى في ضوء هذه القاعدة الأصيلة.



بحث عن بحث