كتاب الأربعين

أما كتاب الأربعين فقد بين مؤلفه في مقدمته أنه اقتدى في تأليفه بمن سبق من العلماء الذين ألفوا مثله. فذكر أن ابن المبارك وابن أسلم والحسن بن سفيان والآجري وأبا بكر الأصفهاني والدارقطني والحاكم وأبا نعيم والسلمي والماليني والصابوني والأنصاري والبيهقي كلهم ألف فيه. وعمدة هؤلاء في ذلك الحديث المشهور: «من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء».

وهذا الحديث ذكر النووي أنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وإنما عملوا به – فيما ذكر – لا تفاقهم على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.

إلا أن المؤلف قال: «فليس اعتمادي على هذا الحديث، بل على قوله صلى الله عليه وسلم  في الأحاديث الصحيحة: «ليبلغ الشاهد الغائب»، وقوله: «نضر الله امرأً سمع مقالتي...» إلى أن قال: ثم من العلماء من جمع الأربعين في أصول الدين، وبعضهم في الفروع، وبعضهم في الجهاد، وبعضهم في الزهد، وبعضهم في الآداب، وبعضهم في الخطب، وكلها مقاصد صالحة – رضي الله عن قاصديها -. وقد رأيت جمع أربعين أهم من هذا كله وهي أربعون حديثًا مشتملة على جميع ذلك، وكل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين، قد وصفه العلماء بأن مدار الإٍلام عليه أو هو نصف الإسلام أو ثلثه أو نحو ذلك. ثم ألتزم في هذه الأربعين أن تكون صحيحة ومعظمها في صحيحي البخاري ومسلم، وأذكرها محذوفة الأسانيد ليسهل حفظها، ويعم الانتفاع بها إن شاء الله تعالى، ثم أتبعها بباب في ضبط خفي ألفاظها، وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث، لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات...».

قال ابن رجب في شرحه (1/91) موضحًا أصل هذه الأربعين: «وأملى الحافظ أبو عمرو بن الصلاح مجلسًا سماه: الأحاديث الكلية، جمع فيه الأحاديث الجوامع التي يقال: إن مدار الدين عليها، وما كان في معناها من الكلمات الجوامع الوجيزة. اشتمل مجلسه هذا على ستة وعشرين حديثًا. ثم إن الفقيه الإمام الزاهد القدوة أبا زكريا يحيى النووي – رحمة الله عليه – أخذ هذه الأحاديث التي أملاها ابن الصلاح، وزاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثًا، وسمى كتابه بـ «الأربعين»، واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها، وكثر حفاظها، ونفع الله بها ببركة نية جامعها، وحسن قصده :».

وقال الطوفي في شرحه للأربعين (ص2): «واعلم أن الشيخ محيي الدين : كان قد وعد في هذه الأربعين أن يضع لها شرحًا يكون لقفلها فتحًا، وإنه وفى بما وعد، وسحّ سحابه إذا رعد، ورأيت هذا الشرح مجلدًا لطيفًا يكون على التقريب والتشبيه قدر نصف أو ثلثي التنبيه...».

وقد اهتم العلماء بعده بشرح هذا الكتاب، فمنهم من أطال، ومنهم من اقتصر.

ومن أهم هؤلاء:

1- ابن دقيق العيد.             2- التفتازاني.

3- ابن رجب الحنبلي.          4- الطوفي الحنبلي.

5- السيوطي.                   6- ابن حجر الهيثمي.

7- نور الدين القاري.           8- الجرداني الدمياطي.



بحث عن بحث