من شعب الإيمان

عن أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه».

©  أهمية الحديث:

قال الحافظ ابن حجر :: «وهذا من جوامع الكلم...».

©  المباحث اللغوية:

من كان يؤمن بالله: المقصود هنا إيمانًا كاملًا.

اليوم الآخر: يوم القيامة.

فليكرم جاره: بأن يقوم بحقوق جاره من الإحسان إليه وكف الأذى عنه.

فليكرم ضيفه: أن يقوم بحقوقه من الطعام ومكان الجلوس وغيرها.

©  توجيهات الحديث:

1-    هذا حديث عظيم جمع كثيرًا من أصول الأخلاق من آداب الكلام والإحسان إلى الجيران والقيام بحقوقهم وإكرام الضيوف بالقول والفعل.

2-    اللسان نعمة عظيمة من الله سبحانه للإنسان فبه يتكلم ويعبر عما يريد، وبه يقرأ القرآن ويذكر الله ﻷ، ويدعو إلى الله تعالى، ويوجه إلى الخير، وغير ذلك من الأفعال الحميدة.

وقد يكون نقمة على العبد إذا استعمله بالمعصية كالغيبة والنميمة والشتم والسب والقذف وقول الزور ونحو ذلك. قال صلى الله عليه وسلم : «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه».

3-    في هذا الحديث حث على استعمال اللسان فيما يعود على المسلم بالفائدة والخير، فإن لم يستطع المسلم ذلك فعليه بالسكوت وعدم الكلام، ففي ذلك كف الشر عن نفسه وعن الناس.

4-    يحرص الإسلام على أن يتماسك أفراده ويتعاونوا على البر والتقوى، ومما يؤدي إلى ذلك الإحسان إلى الجار وإكرامه، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: 36]، وقال صلى الله عليه وسلم : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».

5-    مواضع الإحسان إلى الجار:

أ – السلام عليه وإلقاء التحية والسؤال عن حاله، وزيارته.

ب- إهداء الهدايا المناسبة له.

ج- نصيحته إذا كان مقصرًا في أي أمر من أمور الدين بالتي هي أحسن.

د- دعوته للإسلام إن كان كافرًا.

هـ- إطعامه من طعامك.

و- كف الأذى عنه سواء بالقول أو بالفعل.

ز- الصبر على ما يأتي منه من الأذى.

6-    لا تعني الوصية للجار المسلم فقط بل حتى الجار الكافر، فقد زار رسول الله صلى الله عليه وسلم  جاره اليهودي عندما مرض.

7-    ينبغي للمسلم أن يسلك مسالك الأخيار بإكرام ضيوفهم والقيام بحقوقهم، وتقديم الطعام لهم، ومواساتهم بالقول والفعل، كما فعل خليل الله إبراهيم ÷ عندما قدم عجلًا لضيوفه وقربه إليهم.

8-    الإيمان يزيد وينقص، فيزيد بالطاعات المختلفة، ومنها المذكورة في هذا الحديث، وينقص بمقارفة المعاصي، فينبغي للمسلم أن يسعى أن يكون مؤمنًا إيمانًا كاملًا.

9-    يشير الحديث إلى أن المسلم كالنخلة نفعها مستمر للآخرين، فينبغي للمسلم أن يحاول أن يكون نافعًا للآخرين بما استطاع النفع به ولو بالكلام الطيب فهو صدقة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والكلمة الطيبة صدقة».



بحث عن بحث